أن الله تعالى يريد بإملائهم أن يكفروا. قالوا : والله يتعالى عن هذا القصد (١) ، مع كون هذه الآية منافية لمقتضى قوله : (وَما خَلَقْتُ
__________________
ـ لهم. انظر : معاني القرآن للفراء (١ / ٢٤٨) ، وإعراب القرآن للنحاس (١ / ٤٢١). قال أبو حيان : وقد ردّ بعضهم قول الكسائي والفراء ، فقال : حذف المفعول الثاني من هذه الأفعال لا يجوز عند أحد ، فهو غلط منهما. انتهى. البحر المحيط (٣ / ١٢٧).
(١) الصواب في تفسير هذه الآية أن تفسر بظاهرها أو بنظائرها من آيات الكتاب العزيز ، وذلك ما فعله ابن جرير الطبري في جامع البيان ، قال : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) : «إنما نؤخر آجالهم فنطيلها (لِيَزْدادُوا إِثْماً ،) يقول : ليكتسبوا المعاصي فتزداد آثامهم وتكثر». جامع البيان (٧ / ٤٢٣). أما الحافظ ابن كثير رحمهالله فقد فسرها بالآيات الأخرى كقوله تعالى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ)[المؤمنون : ٥٥ ، ٥٦] ، وكقوله : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ)[القلم : ٤٤] ، وكقوله : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ)[التوبة : ٥٥]. تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٠٨). قال القرطبي : «والآية نصّ في بطلان مذهب القدرية ؛ لأنه أخبر أنه يطيل أعمارهم ليزدادوا الكفر بعمل المعاصي ...» الجامع (٤ / ٢٨٨) قلت : والشبهة التي أوردها الراغب عن بعض المفسرين ناتجة عن عدم تفريقهم بين الإرادة والمشيئة الكونية والإرادة والمشيئة الشرعية ، وقد سبق تقرير مذهب أهل السنة في ذلك ، وبيان أن الإرادة والمشيئة الكونية القدرية لا تستلزم المحبة والرضا ، كما قال تعالى : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا