لهم ، فحذف البخل الذي هو المفعول الأول ، لدلالة (يَبْخَلُونَ) عليه ، كقولك : من كذب كان شرّا له ، وإذا قرئ بالتاء فتقديره لا تحسبّن بخل الذين يبخلون هو خيرا لهم ، فحذف المضاف لظهور المعنى (١) ، وبيّن بالآيتين أنهم جعلوا أعمارهم وأموالهم مصروفة إلى ما أورثهم إثما أو عقوبة يوم القيامة ، وتطويقهم ما بخلوا به على طريق التشبيه والتقريب (٢) ، نحو ما ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم «يأتي كنز أحدهم يوم القيامة شجاعا أقرع (٣) ، له زبيبتان ، فيطوق في حلقه (٤) ،
__________________
(١) هذا تقدير الزجاج في معاني القرآن وإعرابه (١ / ٤٩٣) ، وانظر علة القراءتين في : حجة القراءات ص (١٨٣ ، ١٨٤) ، والبحر المحيط (٣ / ١٣٣) ، والدر المصون (٣ / ٥١٠ ، ٥١١).
(٢) القول بأن التطويق في الآية على التشبيه والتقريب غير صحيح ، والصواب كون ذلك حقيقة. قال الطبري : يعني بقوله جلّ ثناؤه (سَيُطَوَّقُونَ) ما بخل به المانعون الزكاة طوقا في أعناقهم كهيئة الأطواق المعروفة. جامع البيان (٧ / ٤٣٣) وقال الواحدي : «يجعل ما بخل من المال حية يطوقها يوم القيامة في عنقه ، تنهشه من قرنه إلى قدمه» الوسيط (١ / ٥٢٧).
(٣) الشجاع بالضم والكسر الحية الذكر وقيل : الحية مطلقا. والأقرع الذي لا شعر على رأسه ، يريد حيّة قد تمعط جلد رأسه لكثرة سمه وطول عمره. والزبيبتان : النكتتان السوداوان فوق عيني الشجاع. انظر : غريب الحديث للهروي (١ / ٨٠). والنهاية (٢ / ٤٤٧) ، (٤ / ٤٤ ، ٤٥).
(٤) وهذا التطويق أيضا حقيقة. قال ابن حجر : يطوقه : بضم أوله وفتح