ثمّ حثّ على تقوى الله ، وذكر أن ببلوغها ترجون الفلاح ، واستدل بعض الحنفية بهذه الآية على فساد بعض ما يدعيه الشافعية من دلالة الخطاب ، فقال : لو كان ذلك صحيحا لكان يجوز أكل الربا إذا لم يكن أضعافا (١) ، وهذا لأن يكون دلالة عليهم أولى ، لأنه لما زهّدنا في الكثير منه فلأن نزهد في القليل أولى ، على أن القضية بذلك على مقتضى العموم ، فمجيء ما ترك دلالة خطابه في بعض المواضع لا يفسد هذا الأصل ، كمجيء لفظ عام ترك عمومه (٢) ، وتكرير النهي عن الربا تفظيع لأمره ، وتقبيح لشأنه.
__________________
(١) قال الجصّاص : «قيل في معنى (أَضْعافاً مُضاعَفَةً) وجهان أحدهما : المضاعفة بالتأجيل أجلا بعد أجل ، ولكل أجل قسط من الزيادة على المال. والثاني : ما يتضاعفون به أموالهم ، وفي هذا دلالة على أن المخصوص بالذكر لا يدلّ على أن ما عداه بخلافه ، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون ذكر تحريم الربا أضعافا مضاعفة دلالة على إباحته إذا لم يكن أضعافا مضاعفة ، فلما كان ذكر الربا محظورا بهذه الصفة وبعدمها دلّ على فساد قوله في ذلك ...» أحكام القرآن (٢ / ٣٧).
(٢) قال ابن عطية : وقد حرّم الله جميع أنواع الربا ، فهذا هو مفهوم الخطاب ، إذ المسكوت عنه من الربا في حكم المذكور. المحرر الوجيز (٣ / ٢٢٨). وقال أبو حيان : فهذه الحال لا مفهوم لها ، وليست قيدا في النهي ، إذ ما لا يقع أضعافا مضاعفة مساو في التحريم لما كان أضعافا مضاعفة. البحر المحيط (٣ / ٥٧).