شديدا أنه ظلّام قبل أن يفحص عن حال جرمه ، بيّن تعالى ذنبهم ، وأنه إذا عاقبهم عقوبة شديدة فليس بظلّام لهم ، وإن كان قد يظن في الدنيا بمن يفعل ذلك أنه ظلّام. تعالى الله عن الظلم (١).
قوله تعالى : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا)(٢) الآية.
القربان : أصله مصدر كالشّكران والكفران ، وفي التعارف
__________________
(١) للمفسرين في ذلك تعليلات شتى ، منها أنه أتى بصيغة المبالغة للتأكيد على نفي الظلم ، ومنها أنه أتى بها لنفي أصل الظلم وكثرته باعتبار آحاد من ظلم ، فالمبالغة في (ظلّام) باعتبار الكمية لا الكيفية ومنها أنه إذا انتفى الظلم الكثير انتفى القليل ، لأن من يظلم يظلم للانتفاع بالظلم ، فإذا ترك كثيره مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر ، كان لقليله مع قلة نفعه أكثر تركا. ومنها أن (ظلام) للنسب (كعطار) أي لا ينسب إليه الظلم أصلا. قالوا : فظلام من صيغ النسب على حدّ قول ابن مالك :
ومع فاعل وفعال فعل |
|
في نسب أغنى عن اليا فقل |
ومنها أنها لرعاية جمعية العبيد ، من قولهم : فلان ظالم لعبده ، وظلام لعبيده. انظر : تفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٢٠ ، ٣٢١) ، والبحر المحيط (٣ / ١٣٧) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٢٢) والفتوحات الإلهية (١ / ٣٤٢) ، وروح المعاني (٤ / ١٤٤) ،.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٨٣. ونصّها : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).