قيل : إن وعده تعالى عباده على طريق الجملة ، نحو قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(١) ، وليس هذا السؤال خوفا من إخلاف وعده ، ولكن سؤالا أن يرشحه لأن يكون من جملة من دخل في الوعد ، ولهذا قال : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) تنبيها أني لست أخشى خلف وعدك ، لكني أخشى أن لا أكون من جملة الموعودين (٢) ، وقد قيل ذلك هو على جهة العبادة (٣) ، وقد تقدّم أن ليس القصد التفوّه بذلك ، بل فعل ما يقتضيه ، وقوله : (عَلى رُسُلِكَ) أي على ألسنتهم ، وعلى ما وعدت بإجابتهم (٤).
__________________
(١) سورة الفتح ، الآية : ٢٩.
(٢) ذكر الطبري هذا التفسير عن قوم لم يعيّنهم. قال : «وقال آخرون بل ذلك قول من قائليه على معنى المسألة والدعاء لله بأن يجعلهم ممن آتاهم ما وعدهم من الكرامة على ألسن رسله ، لا أنهم كانوا قد استحقوا منزلة الكرامة عند الله من أنفسهم ، ثم سألوه أن يؤتيهم ما وعدهم بعد علمهم باستحقاقهم عند أنفسهم ...» جامع البيان (٧ / ٤٨٣ ، ٤٨٤).
(٣) قال أبو حيان : «وقيل : هذا السؤال جاء على سبيل الالتجاء إلى الله والتضرّع إليه ، كما كان الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام يستغفرون مع علمهم أنهم مغفور لهم ، يقصدون بذلك التذلّل والتضرّع إليه والالتجاء» البحر المحيط (٣ / ١٤٩).
(٤) انظر : جامع البيان (٧ / ٤٨٥) ، والوسيط (١ / ٥٣٤) ، ومعالم التنزيل