وأمّا من حيث المعنى : فإن إعادة الأمر بالتقوى فلاقتران ذكرها بصفة تحثّ سامعها على استعمال التقوى ، كقولك : اتق الله الذي تخافه ، واتق الله الذي بيده الخير. فهذه الصفات هي التي تحسّن التكرير ، فإذا نصبت الأرحام ففيه هذا المعنى ، وإذا جررته لم يكن في ضمنه من التحذير ما فيه إذا نصبته (١). وإنما قال : (وَخَلَقَ مِنْها) ردّا إلى لفظ النفس ، وكلّ اسم جنس ، لفظه
__________________
ـ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ بها سلف الأمة ، واتصلت بأكابر قراء الصحابة الذين تلقوا القرآن من في رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغير واسطة ... عمد إلى ردّها بشيء خطر في ذهنه ، وجسارته هذه لا تليق إلا بالمعتزلة كالزمخشري» البحر المحيط (٣ / ١٦٧). وقال النيسابوري أيضا : «... إلا أن قراءة حمزة مما ثبت بالتواتر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلا يجوز الطعن فيها لقياسات نحوية واهية كبيت العنكبوت» تفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٤١). وانظر : حجة القراءات ص (١٩٠) ، وكشف المشكلات (١ / ٢٨٥) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٢ ، ٣).
(١) ذكر هذا الوجه في تضعيف قراءة الخفض ابن عطية في المحرر الوجيز (٤ / ٩) ، وذكر وجها آخر حكاه غيره ، وهو أن ذكر (الأرحام) على وجه الخفض تقرير للتساؤل بها والقسم بحرمتها ، والحديث الصحيح يرد ذلك في قوله عليهالسلام : «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» ، وانظر : ردّ المفسرين على هذا الكلام في : التفسير الكبير (٩ / ١٣٤) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٤ ، ٥) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٤١) ، وروح المعاني (٤ / ١٨٤).