أبرأته من صداقها (١) عن طيب نفس ، وأنكرت المرأة ذلك ، فقال شريح : هل رأيتم المال وقد دفع إليها؟ فقالوا : لا ، فقال : لو طابت نفسها لم ترجع فيه ، فلم يجزه (٢).
إن قيل : لم قال : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً)(٣) فأفرد وقال في الأخرى : (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً)(٤) فجمع؟ قيل : التمييز على ثلاثة أضرب : الأول : أن يدلّ ما قبله على عدد فلا يجمع ، نحو : عشرون درهما. والثاني : أن يشتبه ، فلا بد من جمع إذا أريد الجمع نحو قولهم : أفره القوم عبيدا. والثالث : أن يستوي الواحد والجمع لكونه معلوما منهما المعنى على حد ، نحو قولهم : فلان أحسن القوم عينا ، لأنه يعلم أن القوم لم يشتركوا
__________________
ـ وتقريب التهذيب ص (٢٦٥).
(١) في الأصل : (صدقاها) ، والصواب ما أثبته.
(٢) انظر : الخلاف في جواز هبة المرأة صداقها في : أحكام القرآن للجصاص (٢ / ٥٩) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٢٤ ، ٢٥) ، والبحر المحيط (٣ / ١٧٦ ، ١٧٧). قال أبو حيان : «وظاهر الآية يدلّ على أن المرأة إذا وهبت لزوجها شيئا من صداقها طيبة بها نفسها ، غير مضطرة إلى ذلك بإلحاح أو شكاسة خلق أو سوء معاشرة ، فيجوز له أن يأخذ ذلك منها ويتملّكه وينتفع به ..» اه.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٤.
(٤) سورة الكهف ، الآية : ١٠٣.