(وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ،) ثم قال : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ)(١) ، فجعل حظ البنتين الثلثين ، ولم يبيّن حكم ما زاد عليهما ، وبيّن في فرض البنات حكم ما فوق الابنتين ، ليعلم من نطق كل واحد من الاثنين حكم المسكوت عنه في الأخرى.
فإن قيل : متى جعل حكم الاثنتين حكم الثلاث فصاعدا سقط فائدة قوله : (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ؟) قيل : مثل هذا راجع إلى المخالف ، لإنه يقال له : متى جعلت حكم الاثنتين حكم الواحدة سقط فائدة قوله : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) وجوابه في ذلك جوابنا عما سأل ، على أن ذكر ذلك على التنزيل الذي نزلناه لا بد من ذكره ، لأنه بيّن حكم الاثنتين بقوله : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ،) ثم بيّن حكم ما فوق الاثنتين ، ثم حكم الواحدة ، ومن قال : تقدير الكلام : فإن كن نساء اثنتين ، وإن قوله (فَوْقَ) زائد كقوله : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ)(٢) ، لأنه أراد فاضربوا الأعناق ، فغير موافق في ادعاء الزيادة في الموضعين ، وغير موافق في تأويل الابنتين ، وكلام الله تعالى منزه عن ذكر لفظ خلوة عن قصد معنى صحيح ، إذ كان ذلك لغوا ، تعالى الله عنه (٣).
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١٧٦.
(٢) سورة الأنفال ، الآية : ١٢.
(٣) وردّ هذا القول أيضا النحاس وابن عطية وأبو حيان وابن كثير. انظر :