إذ هو المقصود منه ، وهو المؤدي إلى هلاك الآخرة ، ولما بيّن الله تعالى المحرّمات ، وأحل ما وراء ذلك بشروط ذكرها عقب ذلك بمن لا يستطيع مهر الحرائر ونفقتهن ، فأباح لهم تزوّج الأمة ، إذ هي أخف مهرا ونفقة ، وشرط في جواز التزوّج بها شرطين : عدم الطّول ، وخوف العنت ، وفصل بين بعض هذا الحكم وبعضه بفصلين : أحدهما : قوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) والثاني : حكم الأمة كيف ينبغي أن تكون صفتها حتى يجوز التزوج بها؟ ومثل هذا الاعتراض يسمى في البلاغة الالتفات (١).
وقوله : (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) فمنهم من جعل الإيمان شرطا ، وقال : يجوز للرجل أن يتزوج بالأمة ، وإن وجد طول الذمية الحرة (٢) ، وقوي بقوله : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ)(٣) ومنهم من قال : ذكر المؤمنات على طريق الفضل ،
__________________
ـ (٣ / ٩٢٤) ، والنكت والعيون (١ / ٤٧٣) ، وزاد المسير (٢ / ٥٩).
(١) الالتفات في البلاغة هو : العدول عن الغيبة إلى الخطاب ، أو التكلم أو على العكس. انظر : التعريفات ص (٥٠).
(٢) انظر : أحكام القرآن للجصاص (٢ / ١٥٩) ، ولابن العربي (١ / ٢٩٣) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٨٣) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ١٣٨).
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٢١.