عنى بذلك المنع من وضع المال وإنفاقه في غير الوجه المباح ، وقال : عنى بالتجارة الوجهة المباحة التي يحلّ صرف المال إليها (١) ، وأما من نظر نظرا أدق من ذلك ، فإنه جعل أكل المال بالباطل تناوله من حيث لا يسوّغه العقل ، ولا يجوّزه الشرع ، من استنزال الناس عما في أيديهم بالخدع ، ومساعدتهم على الباطل طمعا في نفع ، وجعل من ذلك أيضا وضعه حيث لا يجوز ، وإنفاقه رياء كما قال تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ)(٢) ، وجعل هذه التجارة هي التجارة المذكورة بقوله تعالى : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)(٣) الآية ، وفي قوله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)(٤)
__________________
ـ (٨ / ١٨٢) ، والدارقطني في سننه (٣ / ٢٥) ، وابن عبد البر في التمهيد (١ / ٢٠٢). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٤ / ١٧٥) من طريق أبي حرّة الرقاشي عن عمه يرفعه. وقال : رواه أبو يعلى وفيه أبو حرّة وثقه أبو داود وضعفه ابن معين. وانظر : مسند أبي يعلى (٣ / ١٤٠) رقم (١٥٧٠). وهذا الطريق ضعيف ولكن الحديث صحيح لوروده من طرق أخرى عن جماعة من الصحابة. انظر : إرواء الغليل (٥ / ٢٧٩).
(١) ذكر هذا الوجه البيضاوي في أنوار التنزيل (١ / ٢١١) ولم يذكر قائله.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٦٤.
(٣) سورة الصف ، الآية : ١٠.
(٤) سورة التوبة ، الآية : ١١١.