إشارة إلى الأنبياء الذين هم الشهداء على أممهم (١). إن قيل : كيف يصحّ أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم شاهدا للأنبياء الذين قبله وهو لم يحضرهم؟ وأي فائدة لشهادته وشهادتهم؟ قيل : إن الأنبياء لم يختلفوا في أصول ما دعوا إليه ، بل كلّهم لسان واحد في الدعاء إلى التوحيد ، وأصول الاعتقادات والعبادات ، وسائر جمل الشريعة ، وعلى ذلك نبّه بقوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي)(٢) الآية. وكل واحد منهم معتقد لما اعتقده الآخر ، ومبلّغ ذلك مثل ما بلّغه الآخر ، ثم شريعة النبي صلىاللهعليهوسلم جامعة لأصول شرائع من تقدّمه ، ولذلك قيل له : خاتم الأنبياء (٣) ، وعليه نبّه صلىاللهعليهوسلم بقوله : «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بيتا ، وترك موضع لبنة منه ، فكنت موضع اللبنة» (٤) ،
__________________
(١) ذكر هذا القول صاحب الفتوحات الإلهية (١ / ٣٨٣).
(٢) سورة الشورى ، الآية : ١٣ ، ونصّها : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ).
(٣) نقل صاحب الفتوحات الإلهية عن الكرخي أنه قال : وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً : وذلك بأن تشهد للأنبياء بأنهم بلّغوا ، لعلمك بعقائدهم ، لاستجماع شرعك لجميع قواعدهم». الفتوحات الإلهية (١ / ٣٨٣).
(٤) رواه البخاري في كتاب المناقب ، باب «خاتم النبيين صلىاللهعليهوسلم» رقم (٣٥٣٤).