فإنه يقال على الوجهين (١) ، وأما الشهداء فقد قيل : هم المذكورون في قوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)(٢) ، وقال الحسن وقتادة : عنى بها المقتولين في الحرب (٣) ، وسمّوا بذلك لقوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(٤) الآية ،
__________________
(١) لم أجد أحدا من المفسرين وافق الراغب على ذلك ، وكلام العلامة نظام الدين النيسابوري أضبط من كلام الراغب ، فقد قال : فكلّ آية يشعر ظاهرها بتجدد العلم فالمراد تجدد المعلوم ، لأن التغير في علم الله محال. غرائب القرآن (٢ / ٢٦٦). والصحيح أن ما فيه علم الله كذا دالّ على إثبات العلم لله تعالى. ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية قوله تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك : ١٤] ، ثم قال : «فقد دلّت هذه الآية على وجوب علمه بالأشياء ...» مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢ / ٢١١). وقال ابن الجوزي : «ومعنى (وَلِيَعْلَمَ اللهُ) أي ليعلم واقعا منهم ، لأنه عالم قبل ذلك. وإنما يجازي على ما وقع» زاد المسير (١ / ٤٦٧).
(٢) ذكر ذلك الزمخشري في الكشاف (١ / ٤٢٠) ، والنيسابوري في تفسير غرائب القرآن (٢ / ٢٦٦) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٦٩) ، والبيضاوي في أنوار التنزيل (١ / ١٨٢).
(٣) روى قول قتادة ابن جرير الطبري في جامع البيان (٧ / ٢٤٣) ، وابن أبي حاتم (٣ / ٧٧٤). ولم أجد للحسن كلاما في ذلك. وهذا القول ذكره أغلب المفسرين ، واقتصر عليه مفسر وأهل السنة ؛ الطبري وابن أبي حاتم والسمعاني والبغوي وابن كثير. ورجّحه أبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٦٩).
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٦٩.