لكن قد يدال الكافر من المؤمن ، ويبتلى المؤمن بالكافر ، ليتميّز المطيع من العاصي (١) ، وقد حكم تعالى في كل ذلك أن الغلبة للمؤمنين في الحقيقة بقوله : (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ)(٢) ، وفي قوله : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(٣) ، تنبيه أنه لا ينصر الكافرين في الحقيقة ، وإن تصور بعض الناس ما يعطيهم في بعض الأحوال نصرة منه ، تنبيه أنه لا يظلم ، فمحال أنه مع حكمه بأنه لا يحب الظالمين يفعل فعلهم (٤).
قوله تعالى : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ)(٥) المحص كالفحص ، لكن الفحص يقال في إبراز / الشيء من
__________________
ـ وقت من الأوقات للكافرين على المؤمنين ، إذا عصوا فيما يؤمرون به من محاربة الكفار ، فأما إذا أطاعوا فهم منصورون أبدا ، كما قال الله ـ عزوجل ـ (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة : ٢٢]. ثم قال : «...
جعل الله الأيام مداولة بين الناس ، ليمحّص المؤمنين بما يقع عليهم من قتل في حربهم أو ألم أو ذهاب مال ...». معاني القرآن وإعرابه (١ / ٤٧٠ ، ٤٧١).
(١) أثر قتادة رواه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٧ / ٢٣٩) ، وانظر : النكت والعيون (١ / ٤٢٦) ، والوسيط (١ / ٤٩٤).
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٥٦. وانظر : كلام الزجاج السابق.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٠.
(٤) انظر : تفسير غرائب القرآن (٢ / ٢٦٦) ، والبحر المحيط (٣ / ٦٩) ، وأنوار التنزيل (١ / ١٨٢) ، ونظم الدرر (٢ / ١٦٠).
(٥) سورة آل عمران ، الآية : ١٤١.