فسرّ ولم ابتهج |
|
وساء ولم أشتكي (١) |
وقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ)(٢) تنبيه على خبث أنفسهم ، وأنها أمّارة بالسوء ، وذاك أن المنافق شرير (٣) ، والشرير لم تتهذب نفسه وأحواله من الغضب والشهوة والحرص وسائر الرذائل ، وكأن ما معه عدو يؤذيه ، ولهذا لا يمكنه أن يخلو بنفسه ، لأنه لا يجد شاغلا له ، وكأنه خلّي مع أسود وأساود (٤) ، وقوله : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِ) تنبيه على جهلهم وعدم معرفتهم بحكمة الله ونعمته في قهر الكفار للمسلمين في بعض الأحوال ، وأنها نعمة. وظنّهم غير الحق : ظنّهم أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يصدقهم ، ويأسهم من نصرة الله تعالى (٥) ، وقوله : (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) أي ظن
__________________
(١) لم أقف على قائل هذا البيت.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٤.
(٣) ذكر المفسرون أن هذه الطائفة هم المنافقون الذين لا يهمهم إلا أنفسهم ، انظر : جامع البيان (٧ / ٣٢٠) ، وبحر العلوم (١ / ٣٠٩) ، والنكت والعيون (١ / ٤٣٠) ، والوسيط (١ / ٥٠٧) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٦٩) ، ومعالم التنزيل (٢ / ١٢٢) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٤٢).
(٤) أسود : جمع أسد ، وأساود : جمع أسود والأسود : حيّة عظيمة من أخبث الحيات وأعظمها ، انظر : النهاية (٢ / ٤١٩) ، والقاموس ص (٣٧١).
(٥) قال ابن جرير : يظنون بالله الظنون الكاذبة ، ظن الجاهلية من أهل الشرك بالله ، شكّا في أمر الله ، وتكذيبا لنبيّه صلىاللهعليهوسلم ، ومحسبة منهم أن الله خاذل