فان قيل : ان احساس المسئولية انما هو من جهة جعل الجزاء على العمل ، وهو انما يكون من جهة تأثيره في تبديل العمل.
وبعبارة أوضح : ان جعل ذلك انما هو اضافة عامل داخلي آخر إلى العوامل الداخلية المؤثرة في الإرادة والاختيار جبرا ، فلا يكون ذلك آية كون الاختيار اختياريا.
قلنا : ان فرض تأثير هذا الجعل في تغيير مصير الإرادة فرض اختيارية الإرادة ، إذ لو لا كونها اختيارية لم يكن يؤثر هذا الجعل في تغييرها.
الاستدلال للجبر بمبدئية الله سبحانه
القسم الثاني ما استدل به للجبر من ناحية ما وراء الطبيعة ، وهو أمور :
أحدها : أنه قد ثبت في محله أن الله تعالى خالق لجميع الموجودات وانه مبدأ الكل ولا مؤثر في الوجود الا هو ، ومن جملة الاشياء أفعالنا الاختيارية ، فهي مخلوقة لله سبحانه ابداعا وإحداثا ، قال الله عزوجل (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لاإِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)(١) ، وقال سبحانه (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٢) وقال تعالى (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ
__________________
(١) الآية ١٠٢ من سورة الأنعام.
(٢) الآية ١٠١ من سورة الأنعام.