غاية الامر يبقى سؤال ، وهو أنه تعالى لم أوجد من سيوجد منه المهلكات ، أو لم أوجد نفس مقدمات الاختيار الموجبة لأنواع العقوبات ، وهل لا يكون ذلك منافيا لرحمة رب الارباب؟
والظاهر أن قوله" اللازمة لخصوص ذاتهما" (١) الخ ، اشارة إلى الجواب عن ذلك.
وجه ايجاد من سيوجد منه المهلكات
وحاصله كما أفاده بعض المحققين (٢) يظهر بعد بيان مقدمات :
الأولى : ان لكل ماهية من الماهيات في حد ذاتها حدا معينا بحيث لو زيد عليه أو نقص عنه خرجت عن كونها تلك الماهية. مثلا : ماهية الشجر جوهر ممتد نام ، ولو زيد عليه الحاسية صار حيوانا ، ولو نقص عنه النمو صار جمادا.
الثانية : ان لماهية الاشياء نحو وجود في العلم الازلي الربوبي بتبع العلم بالوجودات.
الثالثة : ان المجعول بالأصالة هو الوجود والماهية مجعولة بالتبع والعرض ، وجدانها لذاتها وذاتياتها ولوازمها غير محتاج إلى جعل وتأثير ، ولا يعقل الجعل
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٦٨.
(٢) كما افاده صاحب الكفاية حسب الظاهر ، نقله المصنف (مد ظله) ببيان آخر للتوضيح.