غاية الاحسان ثم احتاج اليك بأهون شيء ، فلا شبهة في أن العقل مع قطع النظر عن الشرع يدرك حسن قضاء حاجته وقبح مقابلته بالرد والهوان ، مع أن قضاء حاجته لا يلائم الشهوات ورده لا ينافرها ، فليس ذلك الا لان للعقل ملائمات ومنافرات مع قطع النظر عن كل شيء.
وبالجملة بما أن للعقل نورانية تنكشف لها الحقائق على ما هي عليه ، يحكم (أي يدرك) بقبح بعض الأفعال وحسن بعضها ، فانكار الحسن والقبح العقليين مكابرة.
عدالة الله تعالى
وأما عدله تعالى : فانا نشهد أنه العدل الذي لا يجور والحكيم الذي لا يظلم ، وانه لا يكلف عباده ما لا يطيقون ولا يتعبدهم بما ليس لهم إليه سبيل ، ولا يكلف نفسا الا وسعها ، ولا يعذب أحدا على ما ليس من فعله ، ولا يلومه على ما خلقه فيه.
وهو المنزه عن القبائح والمبرأ من الفواحش ، والمتعالي عن فعل الظلم والعدوان ، ولا يريد ظلما للعباد ، ولا يظلم مثقال ذرة.
وأما من يخالفنا ـ وهم الاشاعرة ـ فقالوا : ان من الله جور الجائرين وفساد المعتدين ، وانه صرف أكثر خلقه عن الايمان والخير وأوقعهم في الكفر والشرك ، وان من أنفذ وفعل ما شاء عذبه ومن رد قضاءه وأنكر قدره وخالف مشيئته