فانقدح أنه لا برهان على وجود الكلام النفسي.
الدليل على عدم ثبوت الكلام النفسي
بل الوجدان يرده وينفيه ، ويظهر ذلك بعد بيان مقدمة ، وهي :
انه لا ريب في أن للنفس صفات وكيفيات كالشوق ، والحب ، والكراهة ، وما شاكل ، كما أنه لا كلام في أن لها أفعالا كالتأمل والتفكر والبناء وغيرها ، والعلم على مسلك المتقدمين من الفلاسفة من الصفات وعلى مسلك المتأخرين منهم من أفعال النفس.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أن دعوى وجود صفة في النفس غير الصفات المعلومة المعينة وتسمى بالكلام النفسي ، مردودة.
والنزاع ينقطع بالرجوع إلى ما في النفس وجعل الوجدان قاضيا وحاكما ، حيث يرى الناظر المنصف أنه ليس في النفس صفة غير تلك الصفات.
وان اردت أن يطمئن قلبك فراجع نفسك ، ترى أن كل صفة وفعل توجد في النفس ويصدر منها عند إرادة التكلم تكون موجودة وصادرة منها عند إرادة الاكل مثلا بلا فرق بينهما أصلا ، فكما أنه إذا أراد المتكلم أن يتكلم يتصوره ويتصور دواعيه ثم يحصل له التصديق بالفائدة فيحصل الميل ثم الجزم والعزم عليه فيعمل قدرته فيتكلم ، كذلك عند إرادة الاكل جميع هذه موجودة بلا نقيصة ، فوجود صفة أخرى في النفس عند إرادة التكلم وتكون مدلولة للكلام