أو
قالوا : تجيء في القرآن على ثلاثة أوجه ، وتأتي في غير القرآن للشك تقول : رأيت عبد الله أو محمدا ، أو تكون للتخيير بين الشيئين كقوله : (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ) [سورة المائدة آية : ٨٩] ، وقوله : (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [سورة البقرة آية : ١٩٦].
قالوا : وتجيء بمعنى واو النسق ، قال الله : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً) [سورة المرسلات آية : ٥ ، ٦] ، وقوله : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [سورة الإنسان آية : ٢٤] ، وليس كذلك.
قال المبرد : أصل أو في الكلام واحد ثم تنقسم قسمين التخيير والإباحة ، والتخيير قولك : خذ مني دينارا أو ثوبا فإنه وفاء بحقك وليس لك أن تأخذهما ، وقولك : اضرب زيدا أو عمرا أي : كل واحد منهما أهل أن يضرب وأنت مخير في واحد لا تزيد عليه ، وكذلك إذا شك المخير فقال : جاءني زيد وعمرو ولم يرد أنهما جاءه إلا أنه يعلم أن أحدهما جاء فهذا باب واحد.
والإباحة قولك : جالس زيدا أو عمرا أو خالدا وارو عن الحسن أو ابن سيرين ، أي : جالس هذا الضرب وارو عن هذا الضرب من الناس ، وإذا جالس واحدا منهم أو جالسهم جميعا فقد أطاعني ؛ لأني أردت هذا الضرب ، وعلى هذا قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ولو قال : وكفورا فأطاع أحدهما ولم يطع الآخر لم يكن عاصيا ، وإذا قال : أو كفورا صار كل واحد منهما لا يطاع على حياله ، وأما قوله : (عُذْراً أَوْ نُذْراً) فمعناه أن الملقيات ذكرا تجمع بين الإعذار والإنذار فتعذر في وقت وتنذر في وقت كما نقول : جاءني زيد وعمرو فتعلم بذلك أن كل واحد يجوز أن يجيء إلا أن قصدي في هذه الحال واحد منهما (عُرْفاً) [سورة المرسلات آية : ١] أي : تباعا بعرف الفرس ، و : «الملقيات ذكرا» الملائكة ، وقيل : (عُذْراً أَوْ نُذْراً) جمع عذير ونذير ، قال حاتم :
وقد عذرتني في طلابكم العذر