بفاحشة ثم تاب ، ويجوز أن يكون معناه إلا أن يلم بذنب ويحسب أنه صغير أو يلم بذنب ويحسب أنه ليس بذنب ، وقوله تعالى : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ) ثم قال : (إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) [سورة الممتحنة آية : ٤] معناه أن أصحاب إبراهيم تبرأوا من كفار قومهم وعادوهم على الدين ما خلا : (قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) فإن ذلك كان : (عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) [سورة التوبة آية : ١١٤] فقول إبراهيم هو استثناء من قول أصحابه ، كأن معنى قوله : إذ قالوا لقومهم قولهم لقومهم.
وقيل : معناه لكن قال إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ، المعنى أن إبراهيم لم يقل ما قالوه ولكن قال : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) ، وقوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [سورة الدخان آية : ٥٦] والموتة الأولى لم تكن في الجنة ، ولكن المعنى على البدل كأنه قال : لا يذوقون إلا الموتة الأولى كما تقول : لقيت زيدا في الدار ولقيت عمرا فلما كررت الفعل جاز أن لا يكون عمرو ملقيا في الدار وإذا لم تكرر وقلت : ظننت زيدا في الدار وعمرا لم يجز أن يكون عمرو إلا مظنونا في الدار كذلك.
قال قطرب : وفيه نظر.
وأما قوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً) [سورة مريم آية : ٦٢] وهذا أيضا يدل على البدل ولا يكون استثناء ؛ لأن اللغو ليس بسلام كأنه قال : لا يسمعون فيها إلا سلاما.
ومثله قول سعد بن مالك :
والحرب لا يبقى لجا |
|
حمها التخيّل والمراح |
إلا الفتى الصبّار في النّ |
|
جدات والفرس الوقّاح |
__________________
ـ والخامس : أنه ألّم بالقلب ، أي : خطر ، قاله سعيد بن المسيّب.
والسادس : أنه النّظر من غير تعمّد ، قاله الحسين بن الفضل. فعلى القولين [الأولين] يكون الاستثناء من الجنس ، وعلى باقي الأقوال ليس من الجنس. [زاد المسير : ٥ / ٤٤٤].