الاستواء (١)
أكثر ما يستعمل في الاستقامة ونتكلم في أصله بعد إن شاء الله.
وهو في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : القصد ، قال الله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ)(٢) [سورة فصلت آية : ١١] أي : قصد لإخراجها من كونها دخانا إلى ما هي عليه من صلابة الخلقة ، قال ابن عباس : استوى هاهنا علا أمره.
__________________
(١) [سوي] : سويت الشّيء فاستوى وقوله في البيع : لا يسوى ولا يساوي ، أي : لا يكون هذا مع هذا سيّين من السّواء. وساويت هذا بهذا ، أي : رفعته حتّى بلغ قدره ومبلغه ، كما قال الله عزوجل : " حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ" ، أي : الجبلين ، أي : ردم طريقي يأجوج وماجوج بالقطر ، أي سوّى أحدهما بالآخر ، أيك رفعه حتّى بلغ طوله طولهما.
والمساواة والاستواء واحد ، فأمّا يسوى فإنّها نادرة ، لا يقال منه سوي ولا سوى ، وكما أنّ نكر جاءت نادرة ، ولا يقال منه ينكر ، وإذا رجعوا إلى الفعل قالوا : ينكر ، كذلك إذا رجعوا إلى الفعل من يسوى قالوا : ساوى ، وقال بعضهم : يساوي ويسوى واحد ، إلّا أنّ يسوى مولّد ، ولا يقال منه فعل ولا يفعل ، ولا يصرّف ويجمع السّيّ : أسواء ، كما قال :
النّاس أسواء وشتّى في الشّيم |
|
وكلّهم يجمعهم بيت الأدم |
أي : على اختلاف أخلاقهم ، أي : هم كبيت فيه الأدم فمنه الجيّد والوسط والرّديء.
والسّواء ، ممدود : وسط كلّ شيء.
وسوى ، مقصور ، إذا كان في موضع غير ففيها لغتان بكسر السّين ، مقصور ، وبفتحها ممدود.
ويقال : هما على سويّة من الأمر ، أي : على سواء وتسوية واستواء.
والسّيّ : موضع بالبادية أملس.
والسويّة : قتب أعجميّ للبعير ، والجميع : السّوايا.
والسّويّ : الذي سوّى الله خلقه ، لا دمامة فيه ولا داء.
وقوله جلّ وعز : "(مَكاناً سُوىً)" ، أي : معلما قد علم القوم به ، وقال الضّرير في قوله تعالى : "(مَكاناً سُوىً)" : سوى وسوى واحد ، أي : مستويا تدركه الأبصار.
وتصغير سواء وسوى : سويّ ، ويجمع على سواسية وأسواء. [العين : سوى].
(٢) قال أبو جعفر : اختلفوا في تأويل قوله : " ثم استوى إلى السّماء".
فقال بعضهم : معنى استوى إلى السماء ، أقبل عليها ، كما تقول : كان فلان مقبلا على فلان ، ثم استوى عليّ يشاتمني ـ واستوى إليّ يشاتمني. بمعنى : أقبل عليّ وإليّ يشاتمني. واستشهد على أنّ الاستواء بمعنى الإقبال.