الباب الثاني
في ما جاء من الوجوه والنظائر في أوله باء
البوء (١)
باؤوا : أصل البواء الرجوع ، ومبوأ الرجل : منزله الذي يرجع إليه إذا فرغ من أموره ، ثم كثر حتى سمي الإنزال التبوئة ، قال الله تعالى : (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) [سورة يونس آية : ٩٣] ، وقال عمر بن معدي كرب :
كم من أخ لي صالح |
|
بوّأته بيديّ لحدا |
ثم كثر حتى سمي التسوية بين الشيئين : بواء ، يقال : هذا بواء لهذا إذا كان مثله ، وفلان بواء بفلان ، إذا قتل به فرضي.
وجاءت هذه الكلمة وما يتصرف منها في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) [سورة البقرة آية : ٩٠] أي : احتملوا وزرا على وزر. وقيل : استوجبوا غضب الله والغضب من الله : العقاب ، وقال : (باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) [سورة آل عمران آية : ١٦٢]
الثاني : الرجوع ، قال الله تعالى : (أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) [سورة المائدة آية : ٢٩] أي ترجع إلى الله بإثم قتلي ، وإثمك الذي من أجله لم يتقبل قربانك.
__________________
(١) (ب وء) : باء يبوء رجع وباء بحقّه اعترف به وباء بذنبه ثقل به والباءة بالمدّ النّكاح والتّزوّج وقد تطلق الباءة على الجماع نفسه ويقال أيضا الباهة وزان العاهة والباه بالألف مع الهاء وابن قتيبة يجعل هذه الأخيرة تصحيفا وليس كذلك بل حكاها الأزهريّ عن ابن الأنباريّ وبعضهم يقول : الهاء مبدلة من الهمزة يقال فلان حريص على الباءة والباء والباه بالهاء والقصر أي على النّكاح قال يعني ابن الأنباريّ الباه الواحدة والباء الجمع ثمّ حكاها عن ابن الأعرابيّ أيضا ويقال إنّ الباءة هو الموضع الّذي تبوء إليه الإبل ثمّ جعل عبارة عن المنزل ثمّ كني به عن الجماع إمّا لأنّه لا يكون إلّا في الباءة غالبا أو لأنّ الرّجل يتبوّأ من أهله أي يستكنّ كما يتبوّأ من داره وقوله عليه الصّلاة والسّلام «من استطاع منكم الباءة» على حذف مضاف والتّقدير من وجد مؤن النّكاح فليتزوّج ومن لم يستطع أي من لم يجد أهبة فعليه بالصّوم. [المصباح المنير : الباء مع الواو].