البطلان (١)
أصله من الذهاب. وسمي الباطل باطلا ؛ لأنه لا ثبات له مع الحق ، على حسب قوله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) [سورة الإسراء آية : ٨١]. ورجل بطل : شجاع ، لأنه إذا قاوم قرنا لم يقم له القرن. والبطل والباطل سواء.
وهذا الحرف وما يتشعب منه في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : الكذب ، قال : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [سورة فصلت آية : ٤٢] يعني : الكذب ، إذا لم يكن قبله كتاب يشهد بتكذيبه ، ولا يجيء بعده كتاب يكذبه. ويجوز أن يكون معناه : إن الله يحفظه من أن ينقض ، فيأتيه الباطل من بين يديه ، أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه. وعلى هذا تأويل قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [سورة الحجر آية : ٩].
الثاني : الإحباط ، قال : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ) [سورة البقرة آية : ٢٦٤] [أي : لا تحبطوها] بالمن والأذى وقال : (لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) [سورة محمد آية : ٣٣]
والثالث : خلاف الحق ، قال الله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) [سورة العنكبوت آية : ٨١] وقيل : يعني : به هاهنا الشرك. فإذا جعلته خلاف الحق كان أعم.
والمراد على القول الأول أن الإسلام قد جاء فهلك الكفر وذهب. والزهوق والزهق : الهلاك ، : (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) [سورة الإسراء آية : ٨١] أي : من شأن الباطل إذا جاء الحق أن يذهب ويبطل ولا يثبت ، وذلك من شأنه في ما تقدم ، فكان هنا يفيد ما قلناه.
__________________
(١) [بطل] : بطل الشّيء يبطل بطلأ ، أي : ذهب باطلا.
والباطل : نقيض الحقّ ، قال النّابغة :
لعمري ، وما عمري عليّ بهيّن |
|
لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع |
وأبطلته : جعلته باطلا. وأبطلت : جئت بكذب ، وادّعيت غير الحقّ.
والتّبطّل : فعل البطالة ، وهو اتّباع اللهو والجهالة. [العين : بطل].