البرهان (١)
قال علي بن عيسى ـ رحمهالله ـ البرهان : شاهد صدق في نفسه وشهادته.
والبرهان : حق في نفسه وشهادته.
والبرهان : بيان صدق يظهر به صحة أمر.
والبرهان : ما ثبت المعنى في النفس على ثقة به ، وذلك بالبيان الذي فيه.
والبرهان : ما فصل الحق من الباطل ، وميز الصحيح من الفاسد بالبيان الذي فيه.
والبرهان : ما أوجب الثقة وأزال التهمة بالبيان الذي فيه.
والبرهان : ما أوصل النفس إلى إدراك الحق بالبيان الذي فيه ؛ فكأن البرهان آلة بها يتم إدراك النفس للحق.
وقيل : جاء البرهان بمعنى الدليل والدلالة.
والفرق بين الدلالة والبرهان أن الدلالة : ما أحضر المعنى النفس ، والبرهان : ما ثبت المعنى في النفس بالبيان الذي فيه ؛ فكأن الدلالة آلة الإحضار ، والبرهان آلة لتثبيته في النفس
__________________
(١) قال الجرجاني : البرهان : هو القياس المؤلف من اليقينيات ، سواء كانت ابتداء ، وهي الضروريات أو بواسطة ، وهي النظريات. والحد الأوسط فيه لا بد أن يكون علّة لنسبة الأكبر إلى الأصغر ، فإن كان مع ذلك علة لوجود تلك النسبة في الخارج أيضا ، فهو برهان لمّي ، كقولنا : هذا متعفن الأخلاط ، وكل متعفّن الأخلاط محموم ، فهذا محموم ، فتعفن الأخلاط ، كما أنه علة لثبوت الحمى في الذهن ، كذلك علة لثبوت الحمى في الخارج ، وإن لم يكن كذلك كان لا يكون علة للنسبة إلا في الذهن ، فهو برهان إنّي ، كقولنا : هذا محموم ، متعفن الأخلاط ، فهذا متعفن الأخلاط ، فالحمى ، وإن كانت علة لثبوت تعفن الأخلاط في الذهن ، إلا أنها ليست علة له في الخارج ، بل الأمر بالعكس.
وقد يقال على الاستدلال من العلة إلى المعلول : برهان لمّي ، ومن المعلول إلى العلة : برهان إنّي.
البرهان التطبيقي : هو أن تفرض من المعلول الأخير إلى غير النهاية جملة ، ومما قبله ، بواحد مثلا ، إلى غير النهاية ، جملة أخرى ، ثم تطبق الجملتين ، بأن تجعل الأول من الجملة الأولى بإزاء الأول من الجملة الثانية ، والثاني بالثاني ، وهلم جرّا ، فإن كان بإزاء كل واحد من الأولى واحد من الثانية ، كان الناقص كالزائد ، وهو محال ، وإن لم يكن فقد يوجد في الأولى ما لا يوجد في إزائه شيء في الثانية ، فتنقطع الثانية وتتناهى ، ويلزم منه تناهي الأولى ، لأنها لا تزيد على الثانية بقدر متناه ، والزائد على المتناهي بقدر متناه يكون متناهيا بالضرورة. [التعريفات : البرهان].