التوفي (١)
أصل الوفاء : التمام وشيء واف : تام ، وقوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) [سورة البقرة آية : ٤٠] ، أي : قوموا بأوامري على التمام أعطكم جزاء أعمالكم على التمام.
وتوفيت حقي ، واستوفيته ، إذا أخذته بتمامه ، ومعنى توفي الله الأنفس : قبضها عند تمام آجالها ، وقد وفيت الرجل حقه ، وأوفيت له ، إذا تممت عهده ، وخلافه : الغدر ، وهو أن تترك الوفاء به ، وأصل الغدر : الترك ، يقال : غادر الشيء ، وأغدره ، إذا تركه.
والتوفي في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : الإنامة ، قال الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [سورة الأنعام آية : ٦٠] كأنه يقبض العقل والذهن الذي تميز به الأشياء.
الثاني : قوله تعالى : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [سورة المائدة آية : ١١٧] وروي عن الحسن ؛ أنه قال : التوفي هاهنا : رفعه إلى السماء.
ومثله قوله : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) [سورة آل عمران آية : ٥٥] أي : آخذك من بين بني إسرائيل ، ورافعك إلى السماء حيث لا ينفذ إلا حكمي ، ولا يريد أن الله في السماء ، وشبه رفعه إلى السماء بالموت ؛ لأنه يفقد عند الرفع كي يفقد عند الموت ، وقيل : الرفع هنا رفع المنزلة.
الثالث : قبض الروح ، قال الله تعالى : (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) [سورة غافر آية : ٧٧] ، وقال : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) [سورة السجدة آية : ١١] ، وقال : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) [سورة النحل آية : ٢٨ ، ٣٢] يعني : أنهم يقبضون أرواحهم.
__________________
(١) (وف ي) : وفيت بالعهد والوعد أفي به وفاء والفاعل وفيّ والجمع أوفياء مثل صديق وأصدقاء وأوفيت به إيفاء وقد جمعهما الشّاعر فقال أمّا ابن طوق فقد أوفى بذمّته كما وفى بقلاص النّجم حاديها.
وقال أبو زيد : أوفى نذره أحسن الإيفاء فجعل الرّباعيّ يتعدّى بنفسه وقال الفارابيّ أيضا أوفيته حقّه ووفّيته إيّاه بالتّثقيل وأوفى بما قال ووفّى بمعنى وأوفى على الشّيء أشرف عليه. [المصباح المنير : الواو مع الفاء]