الباب الخامس
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله جيم
الجبار
أصل الكلمة : الإصلاح ، جبر العظم (١) ؛ إذا أصلحه وجبر هو ، ثم استعمل في الامتناع ، فقيل : نخلة جبارة ؛ إذا امتنعت ففاتت الأيدي ، وهو راجع إلى الأصل ؛ لأنها إذا فاتت اليد صلحت ثمرتها ولم تشعث ، والجبيرة : الدملوج ، وكذلك الجبارة ؛ لأنه يصلح ويسوى ، والجبارة أيضا ، والجمع : الجبائر : الخشب الذي يشد على العضو المكسور ، وأجبرت الرجل على الأمر ؛ إذا أكرهته عليه ؛ لأنك تريد بإجبارك إياه إصلاحه ، وإصلاح نفسك ـ جبار يرجع إلى ذلك.
والجبار (٢) في أسماء الله ـ عزوجل ـ بمعنى أنه لا ينال بالأذى ، وبمعنى الكبرياء والعظمة ، وقال واصل بن عطاء : الجبار في صفات الله تعالى بمعنى أنه يجبر فاقة العبد.
وهو في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : القهار ، قال الله تعالى : (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ) [سورة الحشر آية : ٢٣] يعني : القهار لخلقه بما أراد ، وقال : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) [سورة ق آية : ٤٥] أي : بمسلط تقهرهم على الإيمان ؛ إنما أنت مذكر ، ويجوز أن يكون معناه : إنك لست بمتكبر تياه ، كما قال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [سورة القلم آية : ٤].
__________________
(١) (ج ب ر) : جبرت العظم جبرا من باب قتل أصلحته فجبر هو جبرا أيضا وجبورا صلح يستعمل لازما ومتعدّيا وجبرت اليتيم أعطيته وجبرت اليد وضعت عليها الجبيرة والجبيرة عظام توضع على الموضع العليل من الجسد ينجبر بها والجبارة بالكسر مثله والجمع الجبائر. [المصباح المنير : الجيم مع الباء]
(٢) أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو منصور النضروي ، ثنا أحمد بن نجدة ، ثنا سعيد بن منصور ، ثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب ، قال : «إنما يسمى الجبار لأنه يجبر الخلق على ما أراد» [الأسماء والصفات للبيهقي : الحديث رقم (٤٧)]