الحسنى
قد مضى القول فيها قبل.
وجاءت في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : الخلف من النفقة في سبيل الله ، وهو قوله : (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى)(١) [سورة الليل آية : ٦] ، ومثله قوله : (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) [سورة الليل آية : ٩] ، أي : بما يخلفه الله عليه في الآخرة.
الثاني : الخير ، قال الله تعالى : (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى) [سورة التوبة آية : ١٠٧] ، أي : الخير وتأنيثها على معنى الخصلة والحلة والحال ، وهي تأنيث الأحسن فكأنه سمى الخير خصلة أو حلة ، وقد يقع ذلك على الخير والشر ، يقول هذه خصلة محمودة يعني : الخير ، وهذه خصلة مذمومة ، يعني : الشر.
الثالث : الجنة ، قال الله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [سورة يونس آية : ٢٦] ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) [سورة الأنبياء آية : ١٠١] ، يعني : الجنة كذا قيل ، ويجوز أن يكون المعنى : الذين سبقت لهم منا الحسنى العدة الحسنة ، وهم المؤمنون لأن الله وعدهم أحسن العدة.
__________________
(١) قال الرازي : قوله : (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) فالحسنى فيها وجوه أحدها : أنها قول لا إله إلا الله ، والمعنى : فأما من أعطى واتقى وصدق بالتوحيد والنبوة حصلت له الحسنى ، وذلك لأنه لا ينفع مع الكفر إعطاء مال ولا اتقاء محارم ، وهو كقوله : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) [البلد : ١٤] إلى قوله : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٧] وثانيها : أن الحسنى عبارة عما فرضه الله تعالى من العبادات على الأبدان وفي الأموال كأنه قيل : أعطى في سبيل الله واتقى المحارم وصدق بالشرائع ، فعلم أنه تعالى لم يشرعها إلا لما فيها من وجوه الصلاح والحسن وثالثها : أن الحسنى هو الخلف الذي وعده الله في قوله : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سبأ : ٣٩] والمعنى : أعطى من ماله في طاعة الله مصدقا بما وعده الله من الخلف الحسن ، وذلك أنه قال : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) [البقرة : ٢٦١] فكان الخلف لما كان زائدا صح إطلاق لفظ الحسنى عليه. [مفاتيح الغيب : ١٧ / ٥٨]