الحياة (١)
أصلها من الطراة والجدة ، ومن ثم قيل : والشمس بيضاء حية ، أي : باقية على حالها غير حائلة اللون ، وسمي الحياء حياء ؛ لأن اللون يحمر معه ، والحمرة لون الحياة ؛ وسمي الحي من القرب ؛ لأن بعضهم يجيء مع بعض ، وسميت الحية حية ؛ لأنها لا تموت حتى تقتل وإلا فهي حية أبدا تكبر إلى أن تنتهي ثم تبتدئ فتصغر حتى تنتهي ثم تكبر وكذلك أبدا إلى أن يصاب هكذا قالوا ، وأنشدوا :
داهية قد صغرت من الكبر
والحياة في القرآن على ستة أوجه :
الأول : تميز الصورة ونفخ الروح قال : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) [سورة البقرة آية : ٢٨] ، أي : كنتم نطفا فميز صورتكم ، ونفخ فيكم الروح كذا قيل ، ويجوز عندنا أن يكون أراد أنكم كنتم نطفا أمواتا فجعلكم أحياء.
وليس في الكلام دلالة على أنه أراد تمييز الصورة ، وسمي النطف أمواتا ؛ لأن كل ما ينفصل من الإنسان سمي ميتا مثل النطفة والدم وما بسبيلهما ونحوه ، : (هُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) [سورة الحج آية : ٦٦] ، وقوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) [سورة الروم آية : ١٩] ، قالوا : معناه يخرج الحيوان من النطفة والطائر من البيضة ، وقيل : يخرج المؤمن من
__________________
(١) (ح ي ي): (حيي) حياة فهو حيّ (وبه سمّي) جدّ جدّ الحسن بن صالح بن صالح بن مسلم بن حيّ (وبتصغيره) سمّي حييّ بن عبد الله المعافريّ (وبتأنيثه) على قلب الياء واوا حيوة بن شريح (واستحياه) تركه حيّا ومنه) (واستحيوا شرخهم) وحياة الشّمس بقاء ضوثها وبياضها وقيل بقاء حرّها وقوّتها والأوّل أظهر يدلّ عليه العرف وقول ذي الرّمّة يصف حمار وحش فلمّا استبان اللّيل والشّمس حيّة حياة الّتي تقضي حشاشة نازع ألا ترى كيف شبّه حالة الشّمس بعد ما دنت للمغيب بحال نفس شارفت أن تموت فهي كأنّها تقضي دين الحياة وتؤدّي ما عندها من وديعة الرّمق بعد أن ذكر مشافهة طلائع اللّيل ومشاهدة أوائله فأين هذه الحالة من بقاء قوّتها وحرارتها. [المغرب : الحاء مع الياء].
وقال الجرجاني : الحياة : هي صفة توجب للموصوف بها أن يعلم ويقدر.
والحياة الدنيا : هي ما يشغل العبد عن الآخرة. [التعريفات : ١ / ٣١]