الحرج (١)
أصل الحرج من الضيق ، ومكان حرج ضيق ، والحرجة الشجر الملتف.
وهو في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : الشك ، قال الله تعالى : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) [سورة النساء آية : ٦٥] أي : شكا ، وذلك أن الرجل يضيق بالشك صدرا ، والثلج هو مع العلم واليقين ، ومثله : (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) [سورة الأعراف آية : ١] المخاطبة له والمعنى لأمتة كما قال في موضع آخر ، : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) [سورة الإسراء آية : ٣٩].
وقوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) [سورة الزمر آية : ٦٥] ، وليس كل ما خاطب به النبيين والمؤمنين أرادهم به ، ألا ترى إلى قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) [سورة البقرة آية : ١٧٨] ، والقصاص في العمد فكأنه أثبت لهم الإيمان مع قتل العمد ، وقتل العمد يبطل الإيمان ، وإنما أراد أن يعلمهم الحكم فيمن يستوجب ذلك ، ونحوه قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) [سورة الأنفال آية : ٢٧] ، وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) [سورة آل عمران آية : ١٣٠].
الثاني : الضيق ، قال تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [سورة الحج آية : ٧٨] ، أي : من ضيق ، وقيل : من ضيق لا مخرج منه ، وذلك أنه يتخلص من الذنب بالتوبة ، فالتوبة مخرج.
__________________
(١) (ح ر ج) : حرج صدره حرجا من باب تعب ضاق وحرج الرّجل أثم وصدر حرج ضيّق ورجل حرج آثم وتحرّج الإنسان تحرّجا هذا ممّا ورد لفظه مخالفا لمعناه والمراد فعل فعلا جانب به الحرج كما يقال تحنّث إذا فعل ما يخرج به عن الحنث قال ابن الأعرابيّ للعرب أفعال تخالف معانيها ألفاظها قالوا تحرّج وتحنّث وتأثّم وتهجّد إذا ترك الهجود ومن هذا الباب ما ورد بلفظ الدّعاء ولا يراد به الدّعاء بل الحثّ والتّحريض كقوله تربت يداك وعقرى حلقى وما أشبه ذلك. [المصباح المنير : الحاء مع الراء]