الخوف (١)
الخوف خلاف الأمن ، والأمن سكون النفس والخوف انزعاجها وقلقها ، وهو معنى غير العلم ؛ لأن العلم يبقى بعد ذهاب الخوف. وأصله من النقصان ، ومنه قيل : خوفت الشيء إذ أنقصته ، ودينار مخوف ناقص الوزن ، وقد يجيء الخوف بمعنى العلم ، قال الله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) [سورة البقرة آية : ٢٢٩] ، وكذلك الخشية بمعنى العلم ، قال الله : (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) [سورة الكهف آية : ٨٠] ، وقالوا : الخوف كالظن يكون شكا ويقينا ، وأنشد :
أخاف إذا ما مت ألّا أذوقها
أي أعلم ، وموضعه في الظن قولك لصاحبك قد أبق غلامك ، فيقول : قد خفت ذاك ، ويجوز أن يكون هذا من الخوف خلاف الأمن.
والخوف في القرآن على خمسة أوجه فيما زعم بعض المفسرين :
الأول : القتل ، وهو قوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) [سورة البقرة آية : ١٥٥] ، يعني : القتل ، وليس بالوجه لأن قوله : (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ) [سورة البقرة آية : ١٥٥] ، قد تضمن القتل ، ولكن معناه الخوف على الأنفس لكثرة الأعداء ، وذلك كان حال أهل المدينة بعد الهجرة ، وهم مخاطبون بهذه الآية.
الثاني : الحرب ، قال الله : (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) [سورة الأحزاب آية : ١٩] ، يعني : الحرب ، وسماها خوفا لما فيها من الخوف كما تسمى الحرب روعا لما فيها من الروع ، والروع والخوف سواء.
__________________
(١) (خ وف) : خاف يخاف خوفا وخيفة ومخافة وخفت الأمر يتعدّى بنفسه فهو مخوف وأخافني الأمر فهو مخيف بضمّ الميم اسم فاعل فإنّه يخيف من يراه وأخاف اللّصوص الطّريق فالطّريق مخاف على مفعل بضمّ الميم وطريق مخوف بالفتح أيضا لأنّ النّاس خافوا فيه ومال الحائط فأخاف النّاس فهو مخيف وخافوه فهو مخوف ويتعدّى بالهمزة والتّضعيف فيقال أخفته الأمر فخافه وخوّفته إيّاه فتخوّفه. [المصباح المنير : الخاء مع الواو]