الخيانة (١)
الخيانة ترك الوفاء للمؤتمن ، وأصله من النقص تخونه إذا تنقصه ، وبين الخائن والسارق فرق ، وكل سارق خائن ، وليس كل خائن سارقا.
والخيانة في القتل على وجهين :
الأول : المعصية ، قال الله : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) [سورة البقرة آية : ١٨٧] ، وقال : (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) [سورة الأنفال آية : ٢٧] ، كذا قيل ، والصحيح أنه أراد أنكم تنقصون أنفسكم من شهواتها بامتناعكم عن مباشرتهن لنهينا إياكم ، والمخاطبة على هذا عامة ، ويجوز أن تكون خاصة لقوم لا يصرون على الفرض ، فيتركونه فينقصون أنفسهم الثواب ، ويقال : ما يتخونك عندي إلا خصلة ، أي : ما ينقصك.
الثاني : خيانة المؤتمن ، قال الله تعالى : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) [سورة النساء آية : ١٠٥] ، نزلت في طعيمة بن أثيرق ، رجل من بني ظفر من الأنصار ، سرق درعا من حديد ، وخفاها في جراب دقيق ، وأودعها يهوديا ، فاطلع عليه فعذره بنو ظفر عند النبي صلىاللهعليهوسلم ، وألزموا اليهودي الذنب ، فهم النبي صلىاللهعليهوسلم بعقوبته ، فأنزل الله : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) [سورة النساء آية : ١٠٥] ، أي : معينا واستغفر الله من همك باليهودي ، ثم خاف طعيمة القطع فهرب إلى مكة فنقب بيت الحجاج بن غلاط ، فتشبث في النقب فأخذ ثم خلى لجوازه فمضى نحو الشام فسرق في منزل نزله ، فرمي بالحجارة حتى قتل ، وفيه نزل : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) [سورة المائدة آية : ٣٨] ، قال ابن عباس : (تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) [سورة البقرة آية : ١٨٧] ، أي : تظلمونها بالخيانة ، وقيل : لا تنصحون لتعرضكم إياها للعذاب الدائم.
__________________
(١) (خ ون): (الخيانة) خلاف الأمانة وهي تدخل في أشياء سوى المال من ذلك (قوله) عليهالسلام (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة) وأريد بها في قوله تعالى (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) نكث العهد ونقضه وقد خانه (ومنه) تقول النّعمة كفرت ولم أشكر وتقول الأمانة خنت ولم أحفظ وهو فعلت على ما لم يسمّ فاعله خائنة الأعين مسارقة النّظر (ومنه) الحديث (ما كان لنبيّ أن تكون له خائنة الأعين) (والخوان) ما يؤكل عليه والجمع خون وأخونة. [المغرب : الخاء مع الواو]