الباب التاسع
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله ذال
الذكر (١)
أصل الذكر القوة ، ومنه تسمية الذكر خلاف الأنثى ؛ لأنه أقوى من الأنثى وجديد ذكر لفضل قوته على الأنوثة ، والذكر بالقلب يرجع إلى هذا ؛ لأن الشيء يثبت في القلب مع الذكر ، فكان له قوه ، والذكر باللسان شبيه بذلك.
وهو في القرآن على خمسة عشر وجها :
الأول : الطاعة ، قال الله : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [سورة البقرة آية : ١٥٢] ، قال بعض المفسرين : معناه أطيعوني أثبكم ، ويجوز أن يكون معناه اذكروني بقلوبكم وألسنتكم ، أذكركم بالمدح والتعظيم وإيجاب الثواب ، وهو جواب لقوله : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ) [سورة البقرة آية : ١٥١] ، : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [سورة البقرة آية : ١٥٢] ، فيكون لاذكروني جوابان مقدم ومؤخر ، كما يقال : إذا آتاك فلان فآته ترضه ، ومعناه مثل معنى قوله : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [سورة غافر آية : ٦٠] ، وقيل : اذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي ، وقيل : اذكروني بالثناء بنعمتي أذكركم بالثناء [في الطاعة] ، وأكثر ما يستعمل الذكر بعد النسيان ، وهذا حقيقة ، وليس ذلك بموجب ألا يكون إلا بعد النسيان إذ
__________________
(١) (ذ ك ر) : ذكرته بلساني وبقلبي ذكرى بالتّأنيث وكسر الذّال والاسم ذكر بالضّمّ والكسر نصّ عليه جماعة منهم أبو عبيدة وابن قتيبة وأنكر الفرّاء الكسر في القلب وقال اجعلني على ذكر منك بالضّمّ لا غير ولهذا اقتصر جماعة عليه ويتعدّى بالألف والتّضعيف فيقال أذكرته وذكّرته ما كان فتذكّر والذّكر خلاف الأنثى والجمع ذكور وذكورة وذكارة وذكران ولا يجوز جمعه بالواو والنّون فإنّ ذلك مختصّ بالعلم العاقل والوصف الّذي يجمع مؤنّثه بالألف والتّاء وما شذّ من ذلك فمسموع لا يقاس عليه والذّكورة خلاف الأنوثة وتذكير الاسم في اصطلاح النّحاة معناه لا يلحق الفعل وما أشبهه علامة التّأنيث والتّأنيث بخلافه فيقال قام زيد وقعدت هند وهند قاعدة فإنّ اجتمع المذكّر والمؤنّث فإن سبق المذكّر ذكّرت وإن سبق المؤنّث أنثت فتقول عندي ستّة رجال ونساء وعندي ستّ نساء ورجال وشبّهوه بقولهم قام زيد وهند وقامت هند وزيد فقد اعتبر السّابق فبني اللّفظ عليه والتّذكير الوعظ والذّكر الفرج من الحيوان جمعه ذكرة مثل : عنبة ومذاكير على غير قياس والذّكر العلاء والشّرف. [المصباح المنير : الذال مع الكاف]