الروح
أصل الريح ، والروح والروح ، والراحة واحد ؛ وإنما الريح فعل ، والروح فعل ، والراحة فعلة ، والرائحة فاعلة ، وقد يجيء فاعلة في أسماء الأفعال ، مثل العافية.
وأصل الكلمة من الطيب ، وذلك أن الريح تطيب الهواء ، والروح يطيب به الجسد ، والرائحة أصلها في الطيب ثم استعملت في النتن ، والأريحية طيب النفس بالبذل ، وقيل : الراحة ، لأن العيش يطيب معها ، والطيب في الأصل فيما يستنشق ، وإنما قيل : طيب النفس بالبذل.
والراحة طيب العيش على وجه التشبيه ، والريحان معروف سمي بذلك لطيب ريحه ، والريحان الرزق ؛ لأن من وجده استراح ؛ ولأن النفس تحبه كما تحب الريحان.
والروح في القرآن على ستة أوجه :
الأول : على ما قيل الرحمة ، قال تعالى : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)(١) [سورة المجادلة آية : ٢٢] ، أي : قولهم برحمة منه ، والوجه أنه أراد بالروح هاهنا القرآن ، وسماه روحا ؛ لأنه يوصل به إلى المنافع كما يوصل الروح ، والشاهد قوله : (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [سورة الشورى آية : ٥٢] ، والتأييد التقوية ، ومعنى التأييد بالقرآن أنه أبطل به حجج خصماء الدين ، وثبت حجج أهله به ؛ لما عجز الناس عن الإتيان بمثله.
الثاني : جبريل عليهالسلام ، قال : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) [سورة النبأ آية : ٣٨] ، وقيل الروح هاهنا خلق كالإنسان ، وقيل : هو ملك يقوم على يمين العرش ، وقوله : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) [سورة الشعراء آية : ١٩٣] ، يعني : جبريل عليهالسلام على قلبك بالقرآن ، وخص القلب لأنه موضع الحفظ ، ولو قال : عليك لم
__________________
(١) قال الرازي : قوله : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) وفيه قولان : الأول : قال ابن عباس : نصرهم على عدوهم ، وسمى تلك النصرة روحا لأن بها يحيا أمرهم والثاني : قال السدي : الضمير في قوله : (مِنْهُ) عائد إلى الإيمان والمعنى أيدهم بروح من الإيمان يدل عليه قوله : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢]. [مفاتيح الغيب : ١٥ / ٢٨٨]