الرجاء (١)
الرجاء مقصور الناحية ، والرجاء ممدود من الأصل ، والأصل الميل ، وذلك أن من يرجو نيل الشيء فإنه يخاف فوته في أكثر الحال ، فكان الرجاء طرف ، والخوف طرف ، ومنه قيل : رجاء البئر لناحيته ، فأما الطمع فيما قيل فتوطين النفس على نيل المطلوب من غير مخافة للفوت.
والصحيح أن الرجاء ما كان عن سبب ، والطمع ما كان عن غير سبب ، ولهذا ذم الطمع ، ولم يذم الرجاء.
وربما جاء الطمع في معنى الأصل ، وهو قوله : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [سورة الشعراء آية : ٨٢].
والرجاء في القرآن على وجهين :
الأول : الأمل ، قال الله : (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) [سورة الإسراء آية : ٥٧] ، وهذا دليل على ما قلنا من أن الرجاء يكون طرفا ، والخوف طرفا.
الثاني : الخوف ، قال تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) [سورة النبأ آية : ٢٧] ، ونحوه قوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) [سورة العنكبوت آية : ٥] ، أي : بحسن البعث ، وقال : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) [سورة الكهف آية : ١١٠].
__________________
(١) [رجو] : الرجاء ، ممدود : نقيض اليأس .. رجا يرجو رجاء. ورجى يرجّي. وارتجى يرجّى يترجّى.
ترجّيا ، ومن قال : رجاة أن يكون كذا فقد أخطأ ، إنّما هو رجاء.
والرّجا ، مقصور : ناحية كلّ شيء. والاثنان : رجوان ، والجميع : أرجاء.
والرّجو : المبالاة. يقال : ما أرجو ، أي : ما أبالي ، من قول الله عزوجل : " (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً)" أي ، لا تخافون ولا تبالون ، وقال أبو ذؤيب :
إذا لسعته النّحل لم يرج لسعها |
|
وخالفها في بيت نوب عوامل |
أي : لم يكترث. [العين : رجو].
قال الجرجاني : الرجاء : في اللغة : الأمل ، وفي الاصطلاح : تعلق القلب بمحصول محبوب في المستقبل. [التعريفات : ١ / ٣٦]