الزبر (١)
أصل الزبر الكتب في الحجر ، ثم كثر حتى جعل كل كتابة زبرا ، يقال : زبرت الكتاب كتبته ، وزبرته قرأته ، والزبور فعول ، بمعنى مفعول ، أي : هو مزبور ، كما قيل : ركوبة وحلوبة ، وقد يقال : ركوبة ، قال الله تعالى (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) [سورة يس آية : ٧٢].
وأصل الكلمة الاجتماع ، ومنه قيل : زبرت البئر ، إذا طويتها بالحجارة بجمعك الحجارة فيها ، وزبرة الأسد الشعر المجتمع على كاهله ، وأسد أزبر ومزبر عظيم الزبرة ، والزبرة القطعة من الحديد ، قال الله : (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) [سورة الكهف آية : ٩٦].
وروي الفقير الذي لا زبر له أي : ليس له معتمد يجمع أمره ، ومن ثم سمي الزبير ، وأخذت الشيء بزوبره أي : بأجمعه ، والواو زائدة ، ويجوز أن يكون أصل الكلمة الغلظ ، ومنه قولهم : زبره إذا أغلظ له القول.
والزبر في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : الكتب ، قال الله : (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) [سورة آل عمران آية : ١٨٤] ، أي : أرسلناهم بالعلامات البينات ، والزبر يعني : الكتب المضمنة للأمر والنهي ، وقوله : (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) [سورة الشعراء آية : ١٩٦]. وقال بعض المفسرين : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) [سورة الأنبياء آية : ١٠٥] ، أنه يعني : بالزبور الكتب كلها ، وليس بالوجه ؛ لأن الظاهر لا يترك إلا بدليل ، ولا دليل إلا أن يكون القراءة في الزبور ، جمع زبر مثل سفر وسفور ، وليس ذلك المشهور ، ولا ينبغي القراءة به عندنا.
__________________
(١) الفرق بين الزبر والكتب : أن الزبر الكتابة في الحجر نقرا ثم كثر ذلك حتى سمي كل كتابة زبرا ، وقال أبو بكر : أكثر ما يقال الزبر وأعرفه الكتابة في الحجر قال وأهل اليمن يسمون كل كتابة زبرا ، وأصل الكلمة الفخامة والغلظ ومنه سميت القطعة من الحديد زبرة والشعر المجتمع على كتف الاسد زبرة ، وزبرت البئر إذا طويتها بالحجارة وذلك لغلظ الحجارة وإنما قيل للكتابة في الحجر زبر لانها كتابة غليظة ليس كما يكتب في الرقوق والكواغد وفي الحديث" الفقير الذي لا زبر له" قالوا لا معتمد له وهو مثل قولهم رقيق الحال كأن الزبر فخامة الحال ، ويجوز أن يقال الزبور كتاب يتضمن الزجر عن خلاف الحق من قولك زبره إذا زجره وسمي زبور داود لكثرة مزاجره ، وقال الزجاج الزبور كل كتاب ذي حكمة. [الفروق اللغوية : ١ / ٢٦٥]