الباب الثالث عشر
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله شين
الشرك (١)
أصل الشرك إضافة الشيء إلى مثله ، ومنه قيل : شراكا النعل ، لأن كل واحد منها يشبه الآخر ، وشراك الطريق مشبه بشراك النعل ، وأشرك بالله عبد معه غيره ؛ لأنه أضافه إليه وشبهه به.
والشرك في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : الإشراك بالله في العبادة ، كقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [سورة النساء آية : ٤٨] ، وإن في موضع نصب.
والمعنى إن الله لا يغفر الشرك به إلا بالتوبة ؛ فحذف ذكر التوبة لدلالة العقل عليه ، ولشهادة السمع به ، وهو قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ) [سورة مريم آية : ٦٠ ، الفرقان : ٧٠] ، وقال : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [سورة النساء آية : ٤٨] ، يعني : أصحاب الصغائر ؛ لأن ما دون الشرك صغائر وكبائر فلو كانا جميعا مغفورين لم يكن لقوله : (لِمَنْ
__________________
(١) (ش ر ك): (شركه) في كذا شركا وشركة وباسم الفاعل منه سمي شريك ابن سحماء الذي قذف به امرأته هلال بن أمية وشاركه فيه واشتركوا وتشاركوا وطريق مشترك (ومنه الأجير المشترك) وهو الذي يعمل لمن يشاء وأما أجير المشترك على الإضافة فلا يصح إلا على تأويل المصدر (والتشريك) بيع بعض ما اشترى بما اشتراه به (والشرك) النصيب تسمية بالمصدر (ومنه) بيع شرك من دار وأما في قوله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) فاسم من أشرك بالله إذا جعل له شريكا وفسر بالرياء في قوله عليهالسلام «إن أخوف ما أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية» وهي أن تعرض للصائم شهوة فيواقعها ويدع صومه (وشرك النعل) وضع عليها الشراك وهو سيرها الذي على ظهر القدم وهو مثل في القلة (وأما حديث أبي أمامة) (صلى بي النبي عليه الصلاة والسلام الظهر حين صار الفيء مثل الشراك) فإنه عنى به الفيء الذي يصير في أصل الحائط من الجانب الشرقي إذا زالت الشمس وهذا أقل ما يستبان به الزوال لا أنه تحديد له. [المغرب : الشين مع الراء]