الضرب (١)
أصله الثبات ، ومن ثم قيل : ضرب علي فلان البعث أي : ألزمه وأثبت عليه حكمه ومنه قوله تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) [سورة البقرة آية : ٦١].
ويخبر عن الإلزام بالضرب ؛ لأن الضرب تأثيرا ليس إلا إلزاما ؛ فلما أراد أنهم ألزموا ذلة تبقى أثرها كبقاء أثر الضرب ، عدل عن ذكر الإلزام إلى ذكر الضرب ، وقيل : المعنى أن الذلة أحاطت بهم من قولك : ضربت الخيمة على القوم ، ونحوه قوله :
ضربت عليك العنكبوت بنسجها |
|
وقضى عليك بها الكتاب المنزّل |
ومنه المضرب لأنه تضرب أوتاده في الأرض فتثبت ، ويقال للجليد : الضريب ؛ لأنه يثبت أكثر مما يثبت الثلج ولا يثبت ولا يجري.
واستضرب العسل إذا غلظ تشبيها بالجليد ، وضريبة الإنسان : خليقته لأنها ثابتة له لا يكاد يزول عنها ، والضرب في الأرض المسير فيها ؛ وهذا خلاف الثبات ، والمضارب مشتق من الضرب في الأرض.
والضرب العسل الأبيض الغليظ ، والضريب ضرب من اللبن ، والضرب من الشيء : الصنف منه.
والضرب في القرآن على ثلاث أوجه :
الأول : الضرب في الأرض ؛ قال الله : (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) [سورة النساء آية : ٩٤] ، وقال معاوية لبعض رؤساء اليمن : ما قول قومك في : (باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) [سورة
__________________
(١) (ض ر ب) : ضربه بسيف أو غيره وضربت في الأرض سافرت وفي السّير أسرعت وضربت مع القوم بسهم ساهمتهم وضربت على يديه حجرت عليه أو أفسدت عليه أمره وضرب الله مثلا وصفه وبيّنه وضرب على آذانهم بعث عليهم النّوم فناموا ولم يستيقظوا وضرب النّوم على أذنه وضربت عن الأمر وأضربت بالألف أيضا أعرضت تركا أو إهمالا وضربت عليه خراجا إذا جعلته وظيفة والاسم الضّريبة والجمع ضرائب وضربت عنقه وضرّبت الأعناق والتّشديد للتّكثير قال أبو زيد ليس في الواحد إلّا التّخفيف وأمّا الجمع ففيه الوجهان قال وهذا قول العرب وضربت أجلا بيّنته وجميع الثّلاثيّ وزن واحد والمصدر الضّرب وضرب الفحل النّاقة ضرابا بالكسر وضرب الجرح ضربانا اشتدّ وجعه ولذعه. [المصباح المنير : الضاد والراء].