الأمة (١)
راجعة إلى القصد ، وهي : الجماعة التي تقصد الأمر بتضافر وتعاون. وقولنا : أمة محمد صلّى الله عليه ، معناه : الجماعة القاصدة لتصديقه ، المتفقة في أصول دينه ، وإن اختلفت في الفروع.
ويجوز أن يكون أصل الكلمة الجمع. فقيل للرجل : أمة ؛ لأنه يسد مسد الجماعة. والإمام : إمام ؛ لاجتماع القوم عليه. والأم ؛ لجمعها أمر الولد (٢).
والأمة : الدهر ؛ لأنها جماعة شهور وأعوام ، وهو قوله : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [سورة يوسف آية ٤٥]. وقيل : يريد بعد حين أمة فحذف.
وأمه : إذا قصد الاجتماع معه. وفلان حسن الأمة ، أي : القامة ؛ وذلك لاجتماع خلقه على الاستواء.
والأمي : قيل : من الأمة الجماعة ، أي : على أصل ما عليه الأمة ، وقيل : هو من الأم.
وهي في القرآن على عشرة أوجه :
__________________
(١) الأمة : الجماعة ، وتكون واحدا إذا كان يقتدي به في الخير ، ومنه قوله تعالى : " إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ" ، وقال صلىاللهعليهوسلم في زيد بن عمرو بن نفيل : (يبعث أمة واحده) لانه لم يشرك في دينه غيره ، والله أعلم.
وقد يطلق لفظ الامة على غير هذا المعنى ، ومنه قوله تعالى : "(إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) " أي على دين وملة ، ومنه قوله تعالى : "(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) ". وقد تكون بمعنى الحين والزمان ، ومنه قوله تعالى : "(وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ)" أي بعد حين وزمان. ويقال : هذه أمة زيد ، أي أم زيد.
والامة أيضا : القامة ، يقال : فلان حسن الامة ، أي حسن القامة ، قال : وإن معاوية الاكرمين؟ حسان الوجوه طوال الامم وقيل : الامة الشجة التي تبلغ أم الدماغ ، يقال : رجل مأموم وأميم [القرطبي : ٢ / ١٢٧].
(٢) تأويل ذلك كان آدم على الحقّ إماما لذريته ، فبعث الله النبيين في ولده. ووجهوا معنى" الأمة" إلى طاعة لله ، والدعاء إلى توحيده واتباع أمره ، من قول الله عزوجل إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً [سورة النحل : ١٢٠] ، يعني بقوله" أمة" ، إماما في الخير يقتدى به ، ويتّبع عليه. ينظر تفسير الطبري ٤ / ٢٧٦.