الظلال
يجوز أن يقال أصل الظل : الدوام ، ومنه يقال : ظل يفعل كذا ؛ أي : دام يفعله ، ويجوز أن يكون أصل الظل : الستر ، وظل الليل : ظلمته لأنها تستر كل شيء ، وهو بالغداة وما طلعت عليه الشمس ثم زالت فهو في ، لأنه فاء من جانب إلى جانب ، وألفيء الرجوع.
وهو في القرآن على وجهين :
الأول : جمع ظل ، قوله : (وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) [سورة الرعد آية : ١٥] جاء في التفسير أن الكافر لا يسجد لله ، ومثله : يسجد على كره منه ، والمراد أن الحال يتصرف بالظل لدوران الشمس وتنقلها من مكان إلى مكان ؛ وفيه دليل على الخالق ؛ فجعل ذلك سجودا لأن حال السجود أبين ، والغدو هنا اسم للوقت ، وأصله المصدر ، والآصال جمع أصيل ، وهو العشي ، وقال بعضهم : الظل ما يستراح إليه.
الثاني : جمع ظلة ؛ قال الله : (فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) [سورة يس آية : ٥٦] وهي جمع ظلة ، مثل : قلة ، وقلائل.
وأما قوله : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ)(١) [سورة الواقعة آية : ٤٣] و : (ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) [سورة المرسلات آية : ٣٠] ومعناه دخان جهنم ، واليحموم الأسود ، وأراد أنه يغشاهم فيسترهم ؛ فسماه ظل لأن الظل الستر.
__________________
(١) قال الشوكاني : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) اليحموم يفعول من الأحم : وهو الأسود ؛ والعرب تقول : أسود يحموم : إذا كان شديد السواد ، والمعنى : أنهم يفزعون إلى الظلّ ، فيجدونه ظلا من دخان جهنم شديد السواد. وقيل : وهو مأخوذ من الحم ، وهو الشحم المسودّ باحتراق النار. وقيل : مأخوذ من الحمم ، وهو : الفحم. [فتح القدير : ٧ / ١٢٨].