الظن (١)
الظن في العربية على وجهين : شك ، ويقين ، وقد جاء في القرآن كذلك ، قال الله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [سورة الحاقة آية : ٢٠] أي : أيقنت ، ومنه قول الشاعر :
ظنّوا بألفي مدحج
أي : أيقنوا ذلك ، وليس ذلك في أصل اللغة ، وإنما صار كذلك في الاستعمال ، ومن جهة الاستعارات وكثرتها في الكلام.
وقال تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [سورة البقرة آية : ٤٦] أي : يوقنون.
وقال ابن درستويه : يتوهمون ذلك ، والكافر لا يتوهمه.
وهذا خطأ لأنهم لو كانوا يتوهمونه ولا يوقنونه لكانوا كفارا ؛ لأن التوهم من قبيل الشك ، والشاك بالبعث كافر.
والآخر قوله : (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلى) [سورة الانشقاق آية : ١٤ ، ١٥] أخبر أنه كان شاكا في البعث.
وقال أبو بكر رحمهالله : الظن على أربعة أقسام : محظور ، وواجب ، ومندوب إليه ، ومباح.
فالمحظور : سوء الظن بالله ، وكل ظن لصاحبه سبيل إلى العلم فيه ؛ مما تعبد به فهو محظور.
__________________
(١) (ظ ن ن) : الظّنّ مصدر من باب قتل وهو خلاف اليقين قاله الأزهريّ وغيره وقد يستعمل بمعنى اليقين كقوله (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) ومنه المظنّة بكسر الظّاء للمعلم وهو حيث يعلم الشّيء قال النّابغة فإنّ مظنّة الجهل الشّباب والجمع المظانّ قال ابن فارس مظنّة الشّيء موضعه ومألفه والظّنّة بالكسر التّهمة وهي اسم من ظننته من باب قتل أيضا إذا اتّهمته فهو ظنين فعيل بمعنى مفعول وفي السّبعة (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) أي بمتّهم وأظننت به النّاس عرّضته للتّهمة. [المصباح المنير : ٥ / ٤٩٠].