الباب الثامن عشر
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله عين
القول في العالمين
العالم يقع على الملائكة والإنس والجن ، واشتقاقه من العلم ؛ لأنه يقع على من يعلم ، ويصلح أن يكون من العلامة ؛ لأن فيهم دلائل على خالقهم.
وقيل : أهل كل زمان عالم ، وقيل : كل ما يحوي الفلك عالم ، والناس يقولون : العالم العلوي ؛ يعنون السماء وما فيها ، والعالم السفلي ؛ يريدون الأرض وما عليها ، ويقولون على وجه التشبيه : إن الإنسان العالم الصغير وإلي فلان تدبير العالم يعنون الدنيا.
واشتقاقه على هذا القول من العلامة فقط ، وقيل : العالم اسم أشياء مختلفة فلا يوحد وليس هو مثل الناس ؛ لأن كل واحد من الناس إنسان ، وليس كل واحد من العالم ملائكة.
والعالم إن كان جميعا لا واحدا له من لفظه ؛ فليس هو ، كالنعم والرهط والنسوة ؛ لأن كل واحد من هذه الأشياء جمع لجنس بعينه ، والعالم جمع لأجناس مختلفة ، وقال بعضهم : العالم كل جنس ذي روح.
وحكي عن العرب : عالم من الطير ومن الظباء وليس ذلك بمعروف عندنا ، وعندنا أن العالم سمي عالما لأنه يصلح أن يستدل به فيوصل إلى العلم ، ومثله : الخاتم لأنه يصلح للختم على الأشياء ، والطابع يصلح أن يطبع به.
قال المفضل : العرب تقول : العالمين في الرفع والنصب والجر ؛ لأنه جمع لا نظير له ، وكان حقه أن يجمع به على عوالم وعواليم ، مثل : خاتم وخواتيم وخواتم ، فلما انقطع عن بابه جمع بالنون وألزم الياء وأجرى مجرى : المقتوين والمفتكرين ، قال : وقد جاء عن قوم من كنانة وأسد عالمون وليس بمشهور.
ولفظ العالمين في القرآن مستعمل في أربعة مواضع :