العمى (١)
أصل العمى من الستر ، ومنه قيل : السحاب العماء ؛ لأنه يستر السماء ، وعمي الرجل ؛ كأنه سترت عنه المرئيات ، وعمى عن الصواب تشبيه كأنه ستر عنه ، ويقولون للفلاة التي لا علم فيها : عمياء وعطشاء ، والعطش ضعف البصر ، وقالوا لها ذلك لأنهم لا يبصرون فيها القصد لأنه قد ستر ، وفي القرآن : (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) [سورة القصص آية : ٦٦] لأنها سترت.
والعمى وما يتصرف منه في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : عمى القلب ؛ قال : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ) [سورة الحج آية : ٤٦] والمعنى أنها لا تنتفع ببصائرها كما لا تنتفع العمى بأبصارها ، ومثله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [سورة البقرة آية : ١٨ ، ١٧١] فجعلهم صما لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون فكأنهم لا يسمعون ، كما أن الأصم لا يسمع ؛ وسماهم عميا على هذا السبيل ، وبكما لأنهم إذا سئلوا عن صحة ما يذهبون إليه لم يأتوا بحجة وكأنهم بكم.
وقوله : (أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ) [سورة يونس آية : ٤٣] ، وقال : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) [سورة الإسراء آية : ٧٢] ومعنى ذلك أنه إذا عمى في الدنيا عن التوبة وقد جعل الله إليها سبيلا كان في الآخرة أعمى ؛ لأنه لا يجد متابا ، وأضل سبيلا ؛ لأنه لا يهتدي إلى طريق النجاة والفوز.
الثاني : عمى البصر ؛ قال : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) [سورة النور آية : ٦١ ، الفتح : ١٧] ، وقوله : (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) [سورة عبس آية : ١ ، ٢] يعني : عبد الله ابن أم مكتوم ، وكان ضريرا ؛ جاء النبي عليهالسلام وهو
__________________
(١) [عمي] : العمى : ذهاب البصر ، عمي يعمى عمى. وفي لغة اعمايّ يعمايّ اعميياء ، أرادوا حذو ادهامّ ادهيماما فأخرجوه على لفظ صحيح كقولك ادهامّ : اعمايّ. ورجل أعمى وامرأة عمياء لا يقع على عين واحدة. وعميت عيناه. وعينان عمياوان. وعمياوات يعني النساء. ورجال عمي. ورجل عم ، وقوم عمون من عمى القلب ، وفي هذا المعنى يقال ما أعماه ، ولا يقال ، من عمى البصر ، ما أعماه لأنّه نعت ظاهر تدركه الأبصار. [العين : عمى].