العز
أصل العز الغلبة ، ومنه قيل : من عزيز. أي : من غلب اغتصب ، ثم استعمل في المنعة ، فقيل : فلان عزيز الجانب ؛ أي : منيعه ، وقال الهزلي :
حتّى انتهيت إلى فراش عزيزة |
|
سوداء روثة أنفها كالمخصف |
ومن الغلبة ؛ قوله تعالى : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) [سورة ص آية : ٢٣] أي : غالبني ، وسمي الله عزيزا لأنه الغالب الذي لا يقهر ، وفي مثل : إنما تعز من ترى وتعزك من لا ترى ، والعزيز أيضا القليل ، يقال : هذا شيء عزيز ؛ أي : قليل ، وإنما سمي القليل عزيزا ؛ لأنه لا يقدر عليه ، شبهه بالعزيز من الرجال ، ليس أن العز في العربية القلة.
وهو في القرآن على سبعة أوجه :
الأول : المنعة ؛ قال تعالى : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ) [سورة النساء آية : ١٣٩].
الثاني : العظمة ؛ قال الله : (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ) [سورة الشعراء آية : ٤٤] أي : بعظمته.
الثالث : خلاف الذل ؛ قال : (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) [سورة النمل آية : ٣٤] ، وقوله : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) [سورة المنافقون آية : ٨] ، وقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [سورة الدخان آية : ٤٩] ومعنى ذلك يرجع إلى العظمة.
الرابع : الحمية ؛ قال الله : (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ)(١) [سورة البقرة آية : ٢٠٦] أي : إذا أمرته بالتقوى أخذته الحمية من الائتمار لك فأثم ، ومثله : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ)
__________________
(١) قال الشوكاني : العزة : القوّة والغلبة ، من عزّه يعزّه : إذا غلبه ، ومنه : وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ [ص : ٢٣] وقيل : العزة هنا : الحمية ، ومنه قول الشاعر :
أخذته عزّة من جهله |
|
فتولىّ مغضبا فعل الضّجر |
وقيل : العزة هنا : المنعة وشدّة النفس. ومعنى : (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) حملته العزة على الإثم ، من قولك أخذته بكذا : إذا حملته عليه ، وألزمته إياه. وقيل : أخذته العزة بما يؤثمه ، أي : ارتكب الكفر للعزة ، ومنه : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ)[ص : ٢] وقيل : الباء في قوله : (بِالْإِثْمِ) بمعنى اللام ،