العفو (١)
أصله الترك ، وعفا المنزل ؛ ترك حتى درس ، وقوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) [سورة البقرة آية : ١٧٨] ؛ أي : ترك له الدم وصولح على الدية من أخيه ؛ يعني : من ولي الدم ولم يريد القاتل ، وشيء يعني : به الدم ؛ فعبر بشيء وهو نكرة عن كل معرفة ؛ والعرب تكنى بشيء عن كل معرفة لأنها على كل حال شيء ، وأنشد :
لعمرك لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ولكن لم نجد لك مدفعا |
والاتباع : المطالبة بما صولح عليه القاتل من الدية ؛ أي : فليطالب ولي المقتول بذلك في رفق ؛ : (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) [سورة البقرة آية : ١٧٨] أي : وليود الجاني ما يود به من الدية أداء حسنا من غير مطل ولا تأخير ، : (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ) [سورة البقرة آية : ١٧٨] يعني : إجازته أخذ الدية وترك الدم ؛ فمن رضى بالدية ثم قتل فله عذاب أليم.
وقد أجمع المسلمون أن الدية إذا وجبت على قاتل العمد كانت من ماله دون مال العاقلة ، وكانت حالة لا يجوز تأخيرها ، وأن دية الخطأ على العاقلة ويلزمهم أداؤها في ثلاث سنين ؛ في كل سنة ثلث وعفا الله عنك ترك معاقبتك ، واستعمال الترك في الله مجاز.
والعفا : التراب ؛ لأنه متروك لوجوده بكل مكان ليس هو مما يؤخذ ويدخر ، ثم اشتق منه الكثرة ، فقيل : عفا الشيء ؛ إذا كثر كأنه صار كالتراب بكثرة ، ثم اشتق منه الكثرة حتى عفوا ، وعفاه يعفو إذا قصده وسأله ، ويجوز أن يكون معناه أنه أتاه تاركا لغيره.
والعفو في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : الفضل من المال ؛ قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [سورة البقرة آية : ٢١٩] يعني : الفضل واليسر ، وذلك أنهم حضوا على الإنفاق في قوله : (أَنْفِقُوا
__________________
(١) [عفو] : العفو : تركك إنسانا استوجب عقوبة فعفوت عنه تعفو ، والله العفوّ الغفور. والعفو : أحلّ المال وأطيبه. والعفو : المعروف. والعفاة : طلّاب المعروف ، وهم المعتفون. واعتفيت فلانا : طلبت معروفه.
والعافية من الدّوابّ والطّير : طلّاب الرزق ، اسم لهم جامع. [العين : عفو].