العرض
أصله الظهور ، ومنه عرضت عليه الشيء ؛ إذا أظهرته له ، والمعرض ما تعرض فيه الجارية ؛ أي : تظهر ، ولفلان عارضة جيدة ، والعراضة : العطية ترجع إلى ذلك ، وأعرض الرجل عن الرجل : ولاه عرضه ؛ أي : جانبه وأعرض له أمكنة من عرضه ، والعرض خلاف الطول ، وإذا استعمل العرض فيما لا يكون عريضا على الحقيقة ؛ فإنما يراد به التمام ، مثل قول الشاعر :
في المجد صار إليك العرض والطّول
أي صار إليك المجد بتمامه ، وقوله : (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ)(١) [سورة فصلت آية : ٥١] أي : تام ، والعرض : ما يظهر من منافع الدنيا ، والعرض ما يحل في الجسم ولا يقوم بنفسه وليس له بقاء الجواهر.
واشتق له هذا الاسم من عارض السحاب وهو جسم ؛ فسموا به ما ليس بجسم لما اجتمعا في قلة اللبث ، ومثال هذه التسمية تسمية الملك ملكا ، وإن لم يكن رسولا على أن أصل هذا الاسم من الألوكة ؛ وهي الرسالة ، ولو كان العرض عرضا لأنه ليس بجسم ولا جوهر لكان الله عرضا ؛ لأنه ليس بجسم ولا جوهر ، وقولهم : عرض في كلامه ، معناه أنه ذهب فيه عرضا ولم يستقم فيه ، والتعريض : هو ترك الإفصاح ، يقال : عرض في الجبل إذا أخذ يمينا وشمالا ولم يستقم في مصعده.
والعرض في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : بمعنى الكثرة ؛ قال تعالى : (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) [سورة فصلت آية : ٥١] أي : كثيرة ، ولم يقل : طويل ؛ لأن العرض أدل على الطول والتمام.
__________________
(١) قال الشوكاني : (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) أي : كثير ، والعرب تستعمل الطول ، والعرض في الكثرة مجازا ، يقال : أطال فلان في الكلام ، وأعرض في الدعاء : إذا أكثر ، والمعنى : أنه إذا مسه الشرّ تضرّع إلى الله ، واستغاث به أن يكشف عنه ما نزل به ، واستكثر من ذلك ، فذكره في الشدّة ، ونسيه في الرخاء ، واستغاث به عند نزول النقمة ، وتركه عند حصول النعمة ، وهذا صنيع الكافرين ، ومن كان غير ثابت القدم من المسلمين [فتح القدير : ٦ / ٣٦٤].