العين
أصلها عين الحيوان ، ثم كثر الاستعمال بها حتى تصرفت على خمسين وجها أفردتها في كتاب.
وهي في القرآن على وجهين :
الأول : عين الإنسان ؛ وهو قوله تعالى : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ)(١) [سورة المائدة آية : ٤٥] ، وذكر تعالى أنه حكم بهذا الحكم على من قبلنا ، وشرائع من قبل ثابتة علينا إلى أن يرد
__________________
(١) قال ابن فارس : العين والياء والنون أصل واحد صحيح يدلّ على عضو به يبصر وينظر ، ثم يشتقّ منه ، والأصل في جميعه ما ذكرنا.
قال الخليل : العين النّاظرة لكلّ ذي بصر. والعين تجمع على أعين وعيون وأعيان. قال الشاعر :
فقد أروع قلوب الغانيات به |
|
حتّى يملن بأجياد وأعيان |
وقال :
* فقد قرّ أعيان الشّوامت أنّهم*
وربّما جمعوا أعينا على أعينات. قال :
* بأعينات لم يخالطها قذى*
وعين القلب مثل على معنى التشبيه. ومن أمثال العرب في العين ، قولهم : " ولا أفعله ما حملت عيني الماء" ، أي لا أفعله أبدا. ويقولون : " عين بها كلّ داء" للكثير العيوب. ويقال : رجل شديد جفن العين ، إذا كان صبورا على السّهر. ويقال : عنت الرّجل ، إذا أصبته بعينك ، فأنا أعينه عينا ، وهو معيون. قال :
قد كان قومك يحسبونك [سيّدا |
|
وإخال أنّك] سيّد معيون |
ورجل عيون ومعيان : خبيث العين. والعائن : الذي يعين ، ورأيت الشّيء عيانا ، أي معاينة. ويقولون : لقيته عين عنّة ، أي عيانا. وصنعت ذاك عمد عين ، إذا تعمّدته. والأصل فيه العين الناظرة ، أي إنّه صنع ذلك بعين كلّ من رآه. وهو عبد عين ، أي يخدم ما دام مولاه يراه. ويقال للأمر يضح : " بيّن الصّبح لذي عينين".
ومن الباب العين : الذي تبعثه يتجسّس الخبر ، كأنّه شيء ترى به ما يغيب عنك. ويقال : رأيتهم أدنى عائنة ، أي قبل كلّ أحد ، يريد ـ والله أعلم ـ قبل كلّ نفس ناظرة. ويقال : اذهب فاعتن لنا ، أي انظر. ويقال : ما بها عين ، متحركة الياء ، تريد أحدا له عين ، فحرّكت الياء فرقا. قال :
* ولا عينا إلّا نعاما مشمّرا*
فأمّا قولهم : اعتان لنا منزلا ، أي ارتاده ، فإنّهم لم يفسّروه. والمعنى أنّه نظر إلى المنازل بعينه ثم اختار.
ومن الباب العين الجارية النّابعة من عيون الماء ، وإنّما سمّيت عينا تشبيها لها بالعين النّاظرة لصفائها ومائها.
ويقال : قد عانت الصّخرة ، وذلك إذا كان بها صدع يخرج منه الماء. ويقال : حفر فأعين وأعان.
ومن الباب العين : السّحاب ما جاء من ناحية القبلة ، وهذا مشبّه بمشبّه ، لأنّه شبّه بعين الماء التي شبّهت بعين الإنسان. يقولون : إذا نشأ السّحاب من قبل العين فلا يكاد يخلف.