الفرقان
الفرقان مصدر ، مثل : السكران ، والكفران ، والعدوان ، ثم جعل اسما للقرآن ؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل ، وفرقت بين الحق والباطل ، وبين الحسن والقبيح بالتخفيف ، وفرقت بين الشخصين بالتشديد.
وأصل الكلمة البعد ، ومنه قيل : لتباعد ما بين الثنيتين ، وتباعد ما بين الفخذين فرق. ورجل أفرق وامرأة فرقاء ، ومنه الفرقة بين الحينين ، والعرب تقول : أسرع من فريق الخيل يعنون السابق ؛ لأنه يفارق جماعتها ، والفريق من الناس الجماعة لمفارقة لغيرها.
والفرقان في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : النصرة ؛ قال الله : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ)(١) [سورة البقرة آية : ٥٣] جاء في التفسير أنه أراد النصرة على أعدائه ، وذلك أنه نصره على أعدائه إذا أبعدهم الله بالإهلاك ، ومثله : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ) [سورة الأنفال آية : ٤١] أي : يوم نصرناه ؛ يعني : يوم بدر هكذا جاء في التفسير.
ويحتمل أن يكون معنى الفرقان هاهنا ؛ الفرق بين الحق والباطل ؛ لأن الحق والباطل قد فرق بينهما يوم بدر بأن علا هذا أو سفل ذا ، وقيل : جعله يوم الفرقان ؛ لأنه فرق فيه بين المؤمنين والكافرين ، قال الله : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ) [سورة الأنفال آية : ٤١] أي : إن كنتم صدقتم بالله وبما أنزلنا على عبدنا يوم بدر من هذا الحكم ، وهو أن حسن الذي تغنمونه هو لله يجعله في الوجه الذي يريد.
والوجه الذي يريد أن يجعله فيه ؛ هو أن يكون للرسول والفقراء من بني هاشم وبني المطلب ، وجعل ذلك لهم بدلا من الصدقات المحرمة عليهم ، والفقراء اليتامى ، والمنقطع به من المسافرين ؛ وهو ابن السبيل ، فجرى الأمر على ذلك حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله ،
__________________
(١) قال أبو جعفر : يعني بقوله : وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ : واذكروا أيضا إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان. ويعني ب" الكتاب" : التوراة ، وب" الفرقان" : الفصل بين الحق والباطل ، كما حدثني المثنى بن إبراهيم قال حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله : وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ ، قال : فرق به بين الحق والباطل. [جامع البيان : ٢ / ١٧٠].