الفرض (١)
أصل الفرض من التأثير ، ومنه الفرض في العود وهو الحرفية ، وفرضة النهر ترجع إلى ذلك ، وهو في الشريعة بمعنى الإلزام ، وهو قوله : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) [سورة البقرة آية : ١٩٧] أي : ألزم نفسه.
وفرض الله على الناس الفريضة ؛ أي : ألزمهم القيام بها ، والفرق بين الفرض والواجب في اللغة ؛ أن الفرض الذي له تأثير وأصله من الجزء ، وليس للواجب تأثير لأنه من السقوط ، يقال : وجب الحائط ؛ إذا سقط ، وفي القرآن : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) [سورة الحج آية : ٣٦] أي : سقطت ، وللفرض في مكانه تأثير ، وليس للواجب في مكانه تأثير.
فمن يجعل الفرض أوكد من الواجب يذهب إلى هذا المعنى ، وقوم يجعلونها سواء لأن قولك أوجبت وفرضت ؛ بمعنى ألزمت ، والفرق بينهما عند بعض الفقهاء بين أيضا ، وذلك أن سجدة التلاوة عنده واجبة وليس بفرض ، وكذلك الوتر ، والفرض أيضا لا يكون من الله ، والواجب يكون منه ومن العبد ، تقول : أوجب السلطان على رعيته كذا ، ولا يقال : فرض.
__________________
(١) (ف ر ض) : فرضة القوس موضع حزّها للوتر والجمع فرض وفراض مثل برمة وبرم وبرام والفرضة في الحائط ونحوه كالفرجة وجمعها فرض وفرضة النّهر الثّلمة الّتي ينحدر منها الماء وتصعد منها السّفن وفرضت الخشبة فرضا من باب ضرب حززتها وفرض القاضي النّفقة فرضا أيضا قدّرها وحكم بها والفريضة فعيلة بمعنى مفعولة والجمع فرائض قيل اشتقاقها من الفرض الّذي هو التّقدير لأنّ الفرائض مقدّرات وقيل من فرض القوس وقد اشتهر على ألسنة النّاس تعلّموا الفرائض وعلّموها النّاس فإنّها نصف العلم بتأنيث الضّمير وإعادته إلى الفرائض لأنّها جمع مؤنّث ونقل وعلّموه فإنّه نصف العلم بالتّذكير بإعادته على محذوف تنبيها على حذفه والتّقدير تعلّموا علم الفرائض ومثله في التّنزيل وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ والأصل كم من أهل قرية فأعاد الضّمير في قوله أهلكناها على المضاف إليه.
وفي قوله (هُمْ قائِلُونَ) على المضاف المحذوف قيل سمّاه نصف العلم باعتبار قسمة الأحكام إلى متعلّق بالحيّ وإلى متعلّق بالميّت وقيل توسّعا والمراد الحثّ عليه كما في قوله «الحج عرفة» وفرض الله الأحكام فرضا أوجبها فالفرض المفروض جمعه فروض مثل فلس وفلوس والفرض جنس من التّمر بعمان. [المصباح المنير : الفاء مع الراء].