الفرار (١)
أصله من الخفة والسرعة ، ومنه قيل : رجل فرفار إذا كان خفيفا كثير الكلام ، والفرفار : شجر يتخذ منه القصاص خفيف الوزن ، والفرير والفرار ولد البقرة الوحشية سمي بذلك لخفته وسرعته ، وفررت الدابة ؛ إذا فتحت فاه لتعرف سنه ؛ لأنك إذا فتحت فاه وقفت على سنه بسرعة من غير تعذر.
والفرار في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : التوبة ؛ قال الله : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) [سورة الذاريات آية : ٥٠] أي : توبوا إليه ولا تعدلوا عن سبيله ، وإنما عبر عن هذا المعنى بالفرار ؛ لأن من يفر إلى الإسلام لا يعرج إلى غيره.
الثاني : الهرب ؛ قال الله : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) [سورة الأحزاب آية : ١٦].
الثالث : الكراهة ؛ قال : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) [سورة الجمعة آية : ٨] أي : تكرهونه.
الرابع : ترك التعرج ؛ قال الله : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) [سورة عبس آية : ٣٤ ، ٣٥] أي : لشغله بنفسه لا يعرج على أخيه.
الخامس : التباعد ؛ قال الله : (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) [سورة نوح آية : ٦] أي : تباعد مني ومما أدعوهم إليه.
__________________
(١) قال الشوكاني : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي : قل لهم يا محمد : ففرّوا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم عن الكفر والمعاصي ، وجملة : (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) تعليل للأمر بالفرار ، وقيل : معنى (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) اخرجوا من مكة. وقال الحسين بن الفضل : احترزوا من كل شيء غير الله ، فمن فرّ إلى غيره لم يمتنع منه. وقيل : فرّوا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن ، وقيل : فرّوا من الجهل إلى العلم. [فتح القدير : ٧ / ٥٠].