في
موضوعة في العربية الأوعية ، تقول : زيد في البيت ، والمال في الكيس ، وإنما يراد أن البيت قد حواه ، وأن الكيس قد اشتمل عليه ، ثم اتسع القول فيه ، فقيل : فلان ينظر في العلم ؛ فجعلوا العلم بمنزلة متضمن ، كما قيل : دخل عمرو في العلم وفي الصلاة ، وقالوا : في يد فلان الضيعة ؛ وإنما قيل هذا لأن ما أحاط به علمه بمنزلة ما أحاطت به يده.
وهو في القرآن على خمسة أوجه :
الأول : بمعنى مع ؛ قال تعالى : (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ) [سورة الأعراف آية : ٣٨] ، وقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ) [سورة الأحقاف آية : ١٨] ، وقال : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) [سورة النمل آية : ١٩] ، وقال : (لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) [سورة العنكبوت آية : ٩] هذا قول بعض المفسرين.
وآخرون يقولون : أن قوله : (فِي أُمَمٍ) أي : في جملة أمم وفي جملة عبادك ، هكذا جميع ما تقدم ، وقوله : (فِي تِسْعِ آياتٍ) [سورة النمل آية : ١٢] قال : مع تسع ، وقيل : في من صلة قوله : (وَأَلْقِ عَصاكَ) [سورة النمل آية : ١٠] : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) [سورة النمل آية : ١٢] والتأويل : وأظهر هاتين الآيتين في تسع آيات ؛ والمعنى من تسع آيات. وعندنا أن قوله : (فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) [سورة الأحقاف آية : ١٦] إخبار بأنه يفعل بأهل الجنة هذا الفعل ، وهؤلاء المذكورون في جملتهم ، كما تقول : أحبك وأكرمك في أهل السمع والطاعة ، وكذلك قوله : (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ) [سورة فصلت آية : ٢٥ ، الأحقاف آية : ١٨].
الثاني : بمعنى على ؛ قال الله : (فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [سورة طه آية : ٧١] وجاز أن يقع في هاهنا ؛ لأنه يكون في الجذع على جهة الطول ، والجذع مشتمل عليه فقد صار فيه ، وقال الشاعر :
هم صلبوا العبدي في جذع نخلة |
|
فلا عطشت شيبان إلّا بأجدعا |